أحدهما: أن المحاصة لا تجب بها، والثاني أن المحاصة تجب بها- إذا ألزمت بحكم من السلطان وهو قول أشهب، والأول قول ابن القاسم.

فصل

وأما الفصل السادس: وهو معرفة ما يكون الغريم أحق به من الغرماء في الموت والفلس، أو في الفلس دون الموت - مما لا يكون أحق به في شيء من ذلك ويحاص الغرماء؛ فتحصيله أن الأشياء المبيعة بالدين تنقسم في التفليس على ثلاثة أقسام: عرض يتعين، وعين اختلف هل يتعين أو لا يتعين، وعمل لا يتعين، فأما العرض فإن كان في يد بائعه لم يسلمه حتى فلس المشتري، فهو أحق به في الموت- والفلس جميعا؛ لأنه كالرهن بيده، وهذا ما لا خلاف فيه؛ وإن كان قد دفعه إلى المشتري ثم فلس وهو قائم بيده، فهو أحق به من الغرماء في الفلس دون الموت- عند مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وجميع أصحابه- على ما وردت به السنة الثابتة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من قوله: «أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئا، فوجده بعينه فهو أحق به، وإن مات الذي ابتاعه فصاحب المتاع أسوة الغرماء» خلافا لأبي حنيفة في قوله: إنه أسوة الغرماء في الموت والفلس جميعا، وخلافا للشافعي في قوله: إنه أحق بسلعته في الفلس والموت جميعا؛ وله عند مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن يترك سلعته ويحاص الغرماء؛ وإن أراد أخذ سلعته، فللغرماء أن يفتكوها منه بالثمن.

قال ابن الماجشون: من مال الغريم أو من أموالهم، وقال ابن كنانة ليس لهم أن يدفعوا إليه الثمن من أموالهم، وإنما لهم أن يبدوه به من مال الغريم المفلس وقال أشهب: ليس لهم أن يأخذوها إلا أن يزيدوا على الثمن زيادة يحطونها عن المفلس من دينهم، خلافا للشافعي في قوله: إنه لا خيار للغرماء في شيء من ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015