يلزمه مما لم تجر العادة بفعله من هبة أو صدقة أو عتق أو ما أشبه ذلك، وإنما قلنا فيما لا يلزمه تحرزا من نفقته على آبائه وأبنائه في الحد الذي يلزمه ذلك لهم؛ لأنه إتلاف مال بغير عوض- وهو يجوز له؛ لأنه يلزمه، فقد دخل معه الغرماء على ذلك؛ وتحرزا أيضا من نفقته على نفسه؛ لأن الإنفاق على نفسه بالقصد والسداد واجب عليه لإبقاء رمقه، ولا يجوز له في شيء من ذلك السرف؛ لأنه إتلاف مال على غير عوض فيما لا يلزمه ولا يجب عليه.
وإنما قلنا مما لم تجر العادة بفعله؛ لأن إتلافه المال فيما جرت العادة بفعله جائز له، كالكسوة يعطيها السائل والتضحية والنفقة في العيد من غير سرف وما أشبه ذلك.
فصل
وكذلك إنفاقه في المال على عوض يجوز فيما جرت العادة بفعله كالتزوج والنفقة على الزوجة، وما أشبه ذلك؛ ولا يجوز فيما لم تجر العادة بفعله من الكراء في الحج التطوع، وما أشبه ذلك؛ وانظر هل له أن يحج حجة الفريضة من أموال غرمائه أم لا - وإن كان يأتي ذلك على الاختلاف في الحج هل هو على الفور؟ أو على التراخي؟ وهل له أن يتزوج أربع زوجات؟ وتدبر ذلك.
ويجوز بيعه وابتياعه ما لم تكن فيه محاباة؛ وإقراره بالدين لمن لا يتهم عليه من صديق ملاطف أو قريب باتفاق. ولمن يتهم عليه على اختلاف؛ واختلف قول مالك في قضائه بعض غرمائه دون بعض ورهنه، فقال مرة: ذاك جائز له، وقال مرة: لا يجوز ويدخل عليه في ذلك جميع الغرماء؛ وقد قيل: إنه يجوز قضاؤه ولا يجوز رهنه - وهو قائم من المدونة بدليل؛ وهذا إذا قضى أو رهن من لا يتهم عليه،