وإذا أخر الغريم بما حل عليه، أخذ منه حميل - قاله سحنون في كتاب ابنه، فإن لم يكن له حميل سجن، ووجه هذا إن تعذر القضاة قد يتجه على أكثر الناس، إلا أن يكون رجلا يعرف بالوفر، وأن عنده الناض فلا يؤجل ولا يؤخر.
فصل
فإن لم يعلم أنه من أهل الناض وادعى الغريم أن عنده مالا ناضا، وأنه إنما يريد اللدد به والإضرار بتأخير حقه عنه، ودعا إلى تحليفه على ذلك؛ فيجري الأمر على الاختلاف في يمين التهمة؛ وكان أبو عمر الإشبيلي - رَحِمَهُ اللَّهُ - يضعف اليمين في ذلك، ويحتج لتضعفها بقول مالك في سماع أشهب من كتاب الزكاة: وجل الناس ليس لهم نقد؛ وأما إن حقق عليه الدعوى فاليمين له عليه واجبة باتفاق، فإن نكل عليها حلف الطالب وجبر المطلوب على الأداء، ولم يؤخر قليلا ولا كثيرا.
فصل
فإن سأل الطالب أن يفتش عليه داره وقال: إنه قد غيب فيها ماله، فإن الشيوخ المتأخرين كانوا يختلفون في ذلك، حكى الفقيه أبو الأصبغ، وابن سهل - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه- شاهد الفتيا والحكم بطليطلة إذا دعا الطالب إلى أن يفتش مسكن المطلوب عند ادعائه العدم بالحق، أن يفتش مسكنه فما ألفي فيه من متاع الرجال بيع عليه وأنصف الطالب منه، لا يختلف فقهاؤهم في ذلك، وأنه أنكر ذلك على أكثرهم فاستصروا فيه ولم يرجعوا عنه، وأنه سأل عن ذلك الفقيه ابن عتاب - رَحِمَهُ اللَّهُ - فأنكره، وأنكره أيضا ابن مالك وقال: أرأيت إن كان الذي يلفى في بيته ودائع؛ قال: فقلت له ذلك محمول على أنه ملكه حتى يتبين خلافه؛ فقال: يلزم إذا توقيفه والاستيناء به حتى يعلم هل له طالب أو يأتي بمدع فيه؛ قال: وأعلمت ابن