فانهارت بئره- ولجاره فضل ماء، فقيل: إنه يقضى له بفضل ماء بئر جاره قيل: بثمن وقيل بغير ثمن؛ فمن حمل الحديث على عمومه، أو تأوله في هذا المعنى، قال: بغير ثمن، ومن تأول في الشريكين في الماء قال: لا يقضى عليه إلا بالثمن؛ والقولان لمالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ وأما ما كان منها في أرض غير متملكة، فلا يخلو من أن تكون مستنبطة أو غير مستنبطة؛ فأما ما كان منها مستنبطا مثل البئر يحفرها في الصحاري والبراري لماشيته أو المواجل، فهو أولى به حتى يروي ماشيته؛ ثم يشترك الناس في الفضل، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ». وهذه البئر لا تباع ولا تورث على وجه الملك، إلا أن الورثة ينزلون منزلة موروثهم في التبدئة بالشرب؛ وإن أوصى بثلث ماله لرجل، فلا يبدؤون بالشرب ولا ينزلون منزلة الموصي في ذلك، هذه رواية أصبغ عن ابن القاسم في العتبية.
فإن تشاح أهل البئر في التبدئة، فقد قال ابن الماجشون إن كانت لهم سنة من تقديم ذي المال الكثير أو قوم على قوم وكبير على صغير، حملوا عليها، وإلا استهموا، وهذا- عندي إذا استوى تعددهم من حافرها، وأما إن كان بعضهم أقرب إليه، فهو أحق بالتبدئة- قلت ماشيته أو كثرت، ولا حظ فيها لزوجة ولا زوج بالزوجية وهما كالأجنبي إذا لم يكونا من ذلك البطن؛ والبئر والماجل والجب في ذلك سواء عند مالك، خلاف قول المغيرة في أن له أن يمنع فضله ماء جب الماشية، ووجه قوله أن الجب يتكلف فيه نفقة كثيرة وليس بمعين كالبئر التي إذا نزف منها شيء عاد فيه مثله، فلا يحمل أمره على أنه أراد به الصدقة إلا ببيان، وهو في بئر الماشية يحفرها في المهامه، - محمول على أنه إنما أراد به الصدقة؛ فإن ادعى أنه لم يرد الصدقة، وأنه أراد أن يبيع ماءها لم يصدق، ومنع من ذلك