في السفر- تعلقا بقول الله عز وجل: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106]؛ لأن الله قال: {ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وقال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282]، والإسلام شرط في صحة العدالة والرضا، وإنما شرطنا في ذلك العدالة لقول الله عز وجل: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]. وقوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282]. وقد اختلف في حد العدالة والرضا الذي تجوز به شهادة الشاهد اختلافا كثيرا، وأحسن ما قيل في ذلك- عندي أنه الشاهد الذي يجتنب الكبائر ويتوقى الصغائر- على أنه لا صغيرة على الإطلاق؛ لأن كل ما عصى الله به فهو كبيرة، وإنما يقال لها صغائر بإضافتها إلى الكبائر.
ومن شرط جواز شهادة الشاهد، أيضا: أن يكون من أهل اليقظة والتحرز؛ لأنه إن كان من أهل الغفلة والبله لم يؤمن عليه التميل من أهل التحيل، فيشهد بالباطل، واختلف هل من شرطه أن يكون مالكا لأمر نفسه، فروى أشهب عن مالك أن شهادة المولى عليه جائزة- إن كان عدلا، وهي رواية ابن عبد الحكم أيضا عنه. وقال أشهب: لا تجوز شهادته- وإن كان مثله لو طلب ماله أعطيه، واختار ذلك محمد بن المواز قال؛ "ولا تجوز شهادة البكر في المال حتى تعنس وإن كانت من أهل العدل ".
فصل
والشاهد ينقسم على ثلاثة أقسام
شاهد معروف بالعدالة.
وشاهد معروف بالجرحة.
وشاهد مجهول الحال لا يعرف بعدالة ولا جرحة.
فأما الشاهد المعروف بالعدالة، فتجوز شهادته ويحكم للطالب بها بعد