فيموت من ختانه، أو الطبيب يسقي المريض فيموت من سقيه، أو يكويه فيموت من كيه، أو يقطع منه شيئا فيموت من قطعه، أو الحجام يقلع ضرس الرجل فيموت المقلوع ضرسه، فلا ضمان على واحد من هؤلاء في ماله ولا على عاقلته في جميع هذا؛ لأنه مما فيه التغرير على ذلك الشيء، فكأن صاحبه هو الذي عرضه لما أصابه، وهذا إذا لم يخطئ في فعله، وأما إذا أخطأ في فعله، مثل أن: يسقي الطبيب المريض ما لا يوافق مرضه، أو تزل يد الخاتن، أو القاطع فيتجاوز في القطع، أو يد الكاوي فيتجاوز في الكي، أو يد الحجام فيقلع غير الضرس التي أمر بها، فلا يخلو من وجهين:

أحدهما: ألا يكون من أهل المعرفة فيغر من نفسه.

والثاني: أن يكون من أهل المعرفة فلا يغر من نفسه.

فأما إذا كان من أهل المعرفة، ولم يغر من نفسه، فذلك خطأ يكون على العاقلة إلا أن يكون أقل من الثلث، فيكون ذلك في ماله. وأما إن كان ممن لا يحسن وغر من نفسه، فعليه العقوبة من الإمام بالضرب والسجن، واختلف في الدية فقيل: إنها تكون عليه في ماله ولا يكون على العاقلة من ذلك شيء وهو ظاهر قول مالك في سماع ابن القاسم وأشهب من كتاب السلطان، وقال عيسى بن دينار - من رأيه ذلك خطأ - وهو على العاقلة إن كان الثلث فصاعدا، وهي رواية أصبغ عن ابن القاسم في كتاب الديات؛ قال في الطبيب يسقي النصراني أو المسلم الدواء فيموت منه: إنه لا شيء عليه إلا أن يعلم أنه أراد قتله؛ لأن تأويل ذلك أن الدية على عاقلته مثل قول ابن دينار.

فصل

فإن اشترط الصانع أنه لا ضمان عليه لم ينفعه شرط وكان عليه الضمان، هذا قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في المدونة، وفي سماع أشهب من كتاب تضمين الصناع من العتبية، وينبغي على هذا القول أن يكون له أجر مثله لأنه إنما رضي بالأجر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015