فصل

ويجوز الكراء في الدور السنين ذوات العدد، والحد في ذلك ما لا تتغير الدار إلى مثله، وذلك يختلف باختلاف إتقان بنيانها، فإن اكتراها من المدة إلى ما لا يؤمن تغير الدار فيها، جاز العقد ولم يجز النقد ولا ينفسخ الكراء المنعقد لمدة معينة بفوت أحد المتكاريين، وقد اختلف؛ هل يحل الكراء المؤجل على المكتري بموته إذا مات قبل استيفاء السكنى أو لا؟ على قولين للمتأخرين جاريين على أصل مختلف فيه بين المتقدمين من أصحاب مالك - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - تعالى، وإنما ينتقض الكراء بين المتكاريين باستحقاق الدار أو استحقاق منافعها المكتراة، أو انهدام جميع بنيانها، فإن انهدم بعض بنيانها، ففي ذلك تفصيل وتقسيم، وهو أن الهدم في الدار المكتراة ينقسم على قسمين: (أحدهما) أن يكون يسيرا، (والثاني) أن يكون كثيرا، فأما إن كان يسيرا فإنه على ثلاثة أوجه: (أحدها) أن يكون لا مضرة فيه على الساكن ولا ينقص من قيمة كراء الدار شيئا كالشرفات ونحوها، فهذا لا خلاف فيه أن الكراء للمكتري لازم ولا يحط عنه منه شيء (والثاني) أن يكون لا مضرة فيه على الساكن إلا أنه ينقص من قيمة كراء الدار، فهذا يلزمه السكنى ويحط عنه ما حط ذلك من قيمة الكراء إن لم يصلحه رب الدار ولا يلزمه إصلاحه، فإن سكت وسكن لم يكن له شيء. (والثالث) أن يكون فيه مضرة على الساكن من غير أن يبطل من منافع الدار شيئا يلزمه الإصلاح كالعطل وشبهه، فهذا اختلف فيه على قولين، (أحدهما) قول ابن القاسم: إن رب الدار لا يلزمه الإصلاح إلا أن يشاء، فإن أبى كان المكتري بالخيار بين أن يسكن بجميع الكراء أو يخرج، فإن سكت وسكن لزمه جميع الكراء. (والثاني) قول غيره: إن رب الدار يلزمه الإصلاح، فإن سكت وسكن لزمه جميع الكراء، وأما إن كان الهدم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015