ما في كتاب الشفعة من المدونة؛ (والثاني) أنه لا يقع الفسخ بينهما بتمام التحالف وهو مذهب ابن القاسم في السلم الثاني من المدونة، (والثالث) أن ذلك إن كان بحكم وقع الفسخ بتمام التحالف، وإن لم يكن بحكم لم يقع الفسخ إلا بتراضيهما عليه بعد الأيمان، (والرابع) أن ذلك إن كان بحكم من الحاكم لم يقع الفسخ حتى يحكم به الحاكم بينهما، وإن كانت أيمانهما دون حكم وقع الفسخ بتمام التحالف، بعكس القول الثالث، ووجه هذا القول أن رضاهما بالتحالف دون الحكم رضا منهما بالفسخ، وهذان القولان للمتأخرين من أصحابنا.
فإذا قلنا: إن البيع والكراء لا ينفسخ بينهما بتمام التحالف حتى يفسخه الحاكم بينهما، ففي ذلك اختلاف، قال في المدونة: إن للمبتاع أن يأخذ بما قال البائع، وظاهره: أن ليس للبائع أن يلزمها المبتاع بما قال، وقال محمد بن عبد الحكم: إن للبائع أن يلزمها المبتاع بما قال، فظاهره أيضا أنه ليس للمبتاع أن يأخذها بما قال البائع، وقد قيل: إن ذلك ليس باختلاف من القول، وإنما تكلم في المدونة على المبتاع وسكت عن البائع؛ وتكلم محمد بن عبد الحكم على البائع، وسكت عن المبتاع، فيجمع بين القولين بأن القول إن أراد المبتاع أن يأخذ بما قال البائع، لزم ذلك البائع، وإن أراد البائع أن يلزمها المبتاع بما قال، لزم ذلك المبتاع، وهذا هو الذي حملناه عن الشيخ أبي جعفر بن رزق - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وإنما يصح ذلك إذا كان اختلافهما في القلة والكثرة أو في غاية المسافة، وأما إن كان اختلافهما في الأنواع أو في جملة المسافة فلا يصح أن يحمل عليه إلا على أنه اختلاف من القول؛ إذ لا يصح أن يجمع بينهما في ذلك، فيكون على مذهب ابن القاسم للمكتري أن يركب إلى البلد الذي قال المكري إن كان اختلافهما في جملة المسافة، وأن يركب النوع الذي قال المكري إن كان اختلافهما في