{هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا} [يونس: 22]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الإسراء: 70].

فصل

فملكنا الله تعالى الأنعام والدواب وذللها لنا وأباح لنا تسخيرها والانتفاع بها رحمة منه تعالى بنا وما ملكه الإنسان وجاز له تسخيره من الحيوان، فكراؤه له جائز بإجماع أهل العلم لا اختلاف بينهم في ذلك.

فصل

والكراء من العقود اللازمة يلزم المتكاريين الكراء بالعقد ولا يكون لأحدهما خيار في حله، إلا أن يشترط أحدهما الخيار لنفسه كالبيع سواء؛ لأنه ثمن ومثمون، فلا يجوز فيه الغرر والمجهول، ولا يصح إلا معلوما في معلوم، ولا بد فيه من تسمية الكراء وضرب الأجل إن اكترى الدابة مدة ما أو تسمية المسافة، إن أكراها إلى موضع ما، ولا بد من تسمية ما يحمل على الدابة أو ما يسخرها فيه، إلا أن يدخلا على عرف قد علماه فيقوم العرف في ذلك مقام التسمية.

فصل

فإن أكرى الدابة وضرب لكرائها أجلا وسمى موضعا أو عين عملا، كان ذلك من باب مدتين في مدة فضارع ما نهى عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من بيعتين في بيعة، ومن شرطين في بيع، وجرى على قولين، أحدهما: أن الكراء فاسد يفسخ، فإن مات كان للمكري كراء مثله على سرعة السير وإبطائه. والثاني: أن الكراء جائز لا يفسخ ويكون للمكري الكراء المسمى إن بلغ الموضع الذي سمياه في الأجل الذي وقتاه، وكراء مثله إن لم يبلغ إليه في الأجل، وهذا إذا كان الأجل واسعا يعلم أنه يدرك الوصول إلى الموضع الذي سمياه فيه، إلا أن يقصر أو يفرط، وأما إن كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015