يصح لنا نزعه من يده، ولو أسلم عليه، لساغ له ملكه ولم يكن عليه أن يتنحى عن شيء منه، وذلك إذا باع بذلك الدينار الخمر من ذمي؛ وأما إن باعها به من مسلم، فهو أشد؛ لأن سحنون يرى أن يتصدق به على المساكين وإن قبضه، خلافا لابن القاسم، فعلى قول سحنون لا يجوز أن يبيعه بذلك الدينار شيئا إذا علم أنه ثمن الخمر التي باعها من المسلم، إلا على تأويل ضعيف؛ وهو أن الدينار لا يتعين للمساكين على مذهب من يرى أن العين لا تتعين.
وقد اختلف أصحابنا إذا لم يقبض ثمن الخمر والخنازير، وكان قد باع ذلك من نصراني حتى أسلم، هل يصح له قبضه بعد إسلامه أم لا على قولين، (أحدهما) أنه لا يصح له قبضه قياسا على ما كان له من الربا لم يقبضه، وهو قول ابن دينار وابن أبي حازم، (والثاني) أنه يجوز له قبضه بعد إسلامه وهو قول أشهب والمغيرة والمخزومي، وهو مذهب أكثر أصحابنا.
فصل
وفي هذا خمس مسائل:
(إحداها) أن يسلم إليه دينارا في دينارين، (والثانية) أن يسلم إليه دينارا في دراهم أو دراهم في دينار، (والثالثة) أن يبيع منه خمرا بدنانير أو دراهم، (والرابعة) أن يسلم إليه دنانير في خمر أو خنزير، (والخامسة) أن يقرضه خمرا أو خنازير فيسلمان جميعا أو أحدهما؛ فأما المسألة الأولى وهي أن يسلم إليه دينارا في دينارين، فإن أسلما جميعا أو أسلم الذي أسلم الدينار، فليس للمسلم إلا ديناره الذي دفع؛ لقول الله تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 279]، وأما إن أسلم المسلم إليه فقال مالك في المدونة: لا أدري أخاف إن قضيت عليه برد الدينار أن أظلم الذمي، وله في كتاب ابن المواز