الوجه ينبغي - عندي - أن يحمل كلام ابن القاسم في المدونة الثابت في جل الروايات فيصح معناه، فالأولى أن يتأول على ابن القاسم في الكتاب أنه رجع في آخر المسألة إلى التكلم على هذا الوجه - وإن كان لم يُبتدَأ الكلام عليه، من أن يجعل - كلامه عليه لغوا وتكريرا لغير فائدة كما فعل ابن أبي زمنين والله أعلم.

فصل

وأما إن اجتمع في مسألة واحدة التدليس بالعيب والغش والخديعة، فإن ذلك لا يخلو من خمسة أحوال:

(إحداها) أن تكون السلعة قائمة لم تفت بوجه من وجوه الفوت، (والثانية) أن تكون قد فاتت ببيع، (والثالثة) أن تكون قد فاتت بحوالة أسواق أو نقص يسير، (والرابعة) أن تكون قد فاتت بعيوب مفسدة، (والخامسة) أن تكون قد فاتت بفوات العين أو ما يقوم مقام فوات العين، مثال ذلك: أن يشتري السلعة المعيبة وهو عالم بعيبها فتطول إقامتها عنده ثم يبيعها مرابحة ولا يبين بالعيب ولا بطول الإقامة، فإن كانت السلعة على الحالة الأولى، كان مخيرا بين أن يرد بالعيب والغش والخديعة، أو يمسك بجميع الثمن ولم يكن للبائع أن يلزمه إياها بأن يحط عنه بعض الثمن؛ وإن كانت على الحال الثانية من فواتها بالبيع، فليس له المطالبة إلا بحكم الغش والخديعة، فيكون عليه القيمة إن كانت أقل من الثمن، وإن كانت على الحال الثالثة، كان مخيرا بين أن يرد بالعيب أو يرضى ويطالب بحكم الغش والخديعة فيرد له السلعة إلى قيمتها إن كانت أقل من الثمن الذي ابتاعها به، وإن كانت على الحال الرابعة، كان مخيرا في ثلاثة أوجه، (أحدها) أن يردها وما نقصها؛ (والثاني) أن يمسك ويرجع بقيمة العيب وما ينوبه من الربح، (والثالث) أن يرضى بالعيب ويطالب بحكم الغش والخديعة فيرد عليه السلعة إلى قيمتها إن كانت أقل من الثمن الذي باعها بها، وإن كانت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015