روي «أن رجلا ابتاع غلاما فأقام عنده ما شاء الله، ثم وجد به عيبا، فخاصمه إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرده عليه، فقال البائع: يا رسول الله قد استغل غلامي، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الغلة بالضمان». لا اختلاف بين أهل العلم في هذا على الجملة، وإنما اختلفوا فيه على التفصيل؛ لاختلافهم فيما هو غلة للمبتاع مما ليس بغلة له، وفي وجوب الرجوع له بما أنفق على ما لا يصح اغتلاله؛ وبيان هذا أن الغلات تنقسم على قسمين (أحدهما) ما لا يتولد عن المبيع وإنما غلته بالانتفاع بعينه، كالعبيد الذين يستخدمون أو يؤاجرون، والمساكن التي تسكن، أو تكرى، وما أشبه ذلك، و (الثاني): ما يتولد عنه كثمر النخل وصوف الغنم ولبنها، وما أشبه ذلك؛ فأما ما لا يتولد عن المبيع، فللمبتاع ما اغتل منه إلى يوم يرده بالعيب، وعليه النفقة، ولا إشكال في هذا الوجه يفتقر إلى بيان؛ وأما ما يتولد عنه فإنه ينقسم على قسمين (أحدهما) أن يكون ما يتولد عنه وجهه أن يقبض شيئا شيئا كلما تولد، كلبن الغنم وما أشبهها. و (الثاني) أن يكون ما يتولد عنه لا يقبض إلا في أوقاته المعهودة، كثمر النخل وصوف الغنم وما أشبه ذلك؛ فأما الوجه الأول فحكمه حكم ما لا يتولد عن المبيع: للمبتاع منه ما اغتل إلى يوم الرد؛ وأما الوجه الثاني فإن الثمار مفارقة النخل وما أشبهها من الثمار، فلا تخلو من أربعة أحوال، (إحداها) أن تكون يوم البيع لا ثمرة فيها، (والثانية) أن تكون يوم البيع فيها ثمرة لم تؤبر، (والثالثة) أن تكون فيها ثمرة قد أبرت، (والرابعة) أن تكون فيها ثمرة قد طابت، فأما الحال الأولى وهو أن تكون النخل لا ثمرة فيها يوم الابتياع فلا يخلو من أربعة أوجه، (أحدها) أن يجد بها العيب فيردها به قبل أن تصير لها ثمرة، (والثاني) أن يجد بها العيب فيردها به وقد صار لها ثمرة لم تؤبر، (والثالث) أن يجد بها العيب فيردها به وقد أبرت الثمرة، (والرابع) أن يجد بها العيب فيردها به وقد طابت الثمرة، يبست أو لم تيبس، جدت أو لم تجد، قائمة كانت بعد الجد أو فائتة. وأما الحال الثانية، وهي أن تكون في النخل يوم الابتياع ثمرة لم تؤبر، فلا تخلو من ثلاثة أوجه، (أحدها) أن يجد العيب فيرد به والثمرة بحالها لم تؤبر، (والثاني) أن يجد العيب فيرد به والثمرة قد أبرت،