التقسيم الذي ذكرناه، وأما الحادث فلا حجة للمبتاع فيه على البائع، وأما المشكوك فيه فليس على البائع فيه إلا اليمين، قيل: على البت، وهو قول ابن نافع في المدنية، ورواية يحيى عن ابن القاسم في العتبية، والحجة في ذلك أنه لو ثبت أنه كان قديما عند البائع لوجب أن يرد عليه وإن لم يعلم به، فإذا رد عليه وإن لم يعلم به وجب أن لا يبرأ منه بيمينه على العلم، وهذا لا يلزم، لأنه إنما يرد عليه وإن لم يعلم به إذا ثبت كونه عنده، وفي مسألتنا لم يثبت كونه عنده، وقال أشهب: يحلف على العلم في الظاهر والخفي، وفرق ابن القاسم بين ذلك فقال: يحلف في الظاهر على البت، وفي الخفي على العلم؛ فإن نكل عن اليمين رجعت على المبتاع في الوجهين جميعا، على العلم أنه ما حدث عنده، هذا قول ابن القاسم في سماع عيسى من العتبية، وروي عنه في المدنية أنها ترجع على المبتاع على نحو ما كانت على البائع، وإلى هذا ذهب ابن حبيب في الواضحة، وقال ابن نافع: يحلف على البت على أصله في يمين البائع، وهي رواية يحيى عن ابن القاسم في العتبية وعلى قول أشهب يحلف على العلم في الوجهين جميعا.
فإن نكل عن اليمين ففي المدنية من رواية عيسى عن ابن القاسم - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - تعالى أن البيع يلزمه، وهذا يقتضي أنه ليس له بعد النكول أن يرجع إلى اليمين، وفيها من قول ابن نافع: فإن نكل عن اليمين لم ترد أبدا حتى يحلف، وهذا يقتضي أن له بعد النكول أن يحلف.
فصل
وهذا في العيوب التي تكون ظاهرة في البدن، وأما ما لا يظهر مثل الإباق والزنى والسرقة وما أشبه ذلك، فادعى المبتاع أنه كان بالعبد قديما، فقال ابن القاسم: يحلف البائع، واحتج بروايته عن مالك، وقال أشهب: لا يمين عليه، واحتج