أن يبيع الرجل سلعة وبها عيب ثم يشتريها من المبتاع بأكثر من الثمن الذي باعها به منه؛ فإن كان مدلسا لم يكن له الرجوع على المبتاع، وإن كان غير مدلس رجع عليه بما زاده على الثمن، (والرابعة) أن من دلس في سلعة بعيب فردت عليه به لم يلزم السمسار أن يرد الجعل، بخلاف إذا لم يدلس، (والخامسة) من باع بالبراءة مما يجوز بيعه بالبراءة، فإنه يبرأ مما لم يعلم به ولا يبرأ مما علم به فدلس به.
وأما الحال الرابعة وهو أن يذهب عين المبيع، فلا يخلو من وجهين (أحدهما) أن يكون ذهابه بخروجه عن ملكه بعوض، (والثاني) أن يكون خرج عن ملكه بغير عوض، فأما الوجه الأول وهو أن يخرج عن ملكه بعوض، وذلك أن يبيعه أو يهبه للثواب، فإنه لا يخلو أيضا من وجهين (أحدهما) أن يبيعه من بائعه، (والثاني) أن يبيعه من غير بائعه، فأما إن باعه من بائعه بمثل الثمن فلا شيء عليه، لأنه كان قد رده عليه، وإن باعه منه بأقل من الثمن رجع عليه بتمام الثمن، فيكون كأنه قد رده عليه؛ فإن لم يثبت قدم العيب عند البائع الأول وأمكن أن يكون حدث عند المشتري الأول وهو البائع الثاني، حلف البائع الأول بالله ما كان عنده يوم باعه على البت إن كان ظاهرا، أو على العلم إن كان خفيا باطنا - ولم يكن للمشتري الأول - وهو البائع الثاني - أن يرجع عليه بشيء، وكان له هو أن يرده عليه- وإن أمكن أيضا أن يكون حدث عند البائع الأول بعد أن اشتراه من المشتري الأول، حلف البائع الثاني وهو المشتري الأول أن العيب لم يحدث عنده في علمه، إن كان خفيا، ولم يكن للبائع الأول وهو المشتري الثاني أن يرد عليه ولزمه البيع فيه بالثمن الثاني، إذ قد برئ من غرم ما بين الثمنين بيمينه، أو لأن العيب لم يحدث عنده وإن باعه منه بأكثر من الثمن الذي اشتراه به منه وكان البائع الأول قد علم بالعيب فدلس به لزمه البيع ولم يكن له أن يرده على المشتري الأول وهو البائع الثاني، فإن كان البائع لم يعلم بالعيب، كان له أن يرده على المشتري الأول - وهو البائع الثاني، ثم كان للبائع الثاني وهو المشتري الأول أن يرده على البائع الأولى وهو المشتري الثاني، فإن رده كل واحد منهما على صاحبه، تقاصا بالثمن ورجع