الثمن، وذلك أنه قبض على هذا التنزيل أربعة أخماس المبيع، وبقي عند البائع خمسه، فذهب عنده ربع ما قبض وهو خمس الجميع، فذلك الذي يلزمه ثمنه ويسقط عنه سائر الثمن، إن كان لم يدفعه، وإن كان قد دفع الثمن، رجع بأربعة أخماسه وبقي للبائع خمسه، لأن الخمس الذي تلف عند المبتاع مصيبته منه فيمضي بالثمن، كما لو اشترى سلعة فاستهلك خمسها بانتفاع بأكل أو جناية، ووجد بالباقي عيبا، رده ولزمه خمس الثمن بما استهلك؛ وهذا كله بين لا خفاء به ولا ارتياب في صحته، فلا بد على هذا في الرد من ثلاث قيم، وفي الإمساك من قيمتين، وقال أحمد بن المعدل: إن أراد أن يمسك ويرجع بقيمة العبد، فليرجع بقيمته من الثمن الذي اشتراها به، كقول ابن القاسم سواء، وإن أراد أن يرده فليرده ويرد قيمة العيب يوم الرد، فينظر كم قيمته يومئذ وبه العيب القديم، وكم قيمته بالعيب الثاني، فيرد معه قيمة العيب الثاني، وهو ما بين القيمتين دون أن يرجع في ذلك إلى أصل الثمن؛ لأنه فسخ بيع؛ ألا ترى لو نما العبد أو نقص لرد بنمائه ونقصانه ولا شيء عليه؛ فكذلك يرد قيمة العيب يوم الرد بخلاف العيب القديم، لأن العيب القديم البائع ألزمه المشتري يوم الشراء، فيومئذ ينظر إلى قيمته ويرجع عليه المبتاع في الثمن الذي أخذه منه ولم ينفسخ بينهما بيع. قال أحمد: وما علمت أحدا من أصحابنا تكلم عليها، قلت: تكلم عليها أحمد بن المعدل وحده وكل مجر بالخلاء يسري، ولو رأى كلام ابن القاسم وتدبره، لبان له صوابه ولم يسعه خلافه؛ لأن ما نقصه العيب الحادث قد فات بيد المبتاع، فتم فيه البيع، فوجب عليه ما ينوبه من الثمن، وهذا بين.
وأما إن ذهب النقصان بجل المبيع وأتلف أكثر منافعه مثل أن يفقأ عيني العبد جميعا، فيبطله، أو يقطع يديه أو رجليه أو يشتري صغيرا فيهرم، أو ثوبا فيقطعه تبابين، ومثله لا يقطع تبابين، فيفسده بذلك وما أشبهه، فإن هذا كله كذهاب عينه، فلا يجب للمبتاع إلا الرجوع بقيمة العيب.