واليومين والثلاثة، كالدواب سواء؛ لأنها وإن كانت مما لا يختبر كما تختبر الدواب، فإنها لا يسرع إليها التغير، كما يسرع إلى الدواب، فلم يضيق في أجل الخيار فيها لهذه العلة؛ وأما الرقيق فيجوز الخيار فيها أكثر من ذلك، قال في المدونة: الخمسة الأيام والستة إلى الجمعة. وقال ابن المواز: الأربعة الأيام والخمسة، ولا أفسخه في عشرة، وأفسخه في الشهر، وروى ابن وهب أن مالكا - رَحِمَهُ اللَّهُ - أجاز الخيار في العبد شهرا وأباه ابن القاسم وأشهب في الشهر، فوجه رواية ابن وهب عن مالك أن الرقيق ذو ميز، فربما ستر العبد والجارية ما فيهما من الأخلاق الذميمة، واستعملا ما يرغب فيهما من أجله، فاحتيج في اختبارهما إلى مدة لا يستتر فيها ما طبعا عليه من الأخلاق غالبا، وإن رأى ما ستره وهو الشهر عنده، ووجه قول ابن القاسم أنه وإن كان يحتاج في الرقيق إلى الاختبار الكثير بما وصفناه من علة الميز، فإن الشهر بعيد يتغير إليه الرقيق، فمنع من ذلك لعلة التغير، وأجاز من الخيار فيهما ما قد يحصل فيه الاختبار ومعرفة الحال ولا يخشى معه التغير والانتقال - وهو الجمعة ونحوها، وحمل الصغير الذي لا يميز في ذلك محمل الكبير المميز، جعل الباب في ذلك واحدا لما لم يكن لوقت ميزه حد يرجع إليه لا يختلف، وأما الدور التي يحتاج فيها إلى الاختبار ويؤمن عليها التغير، فيجوز الخيار فيها إلى الشهر؛ قال ابن حبيب: والشهرين في الدور والأرضين، ولم يذكر في المدونة الأرضين وما في الواضحة مفسر لما في المدونة.
فأمد الخيار في البيع إنما هو بقدر ما يحتاج إليه في الاختبار والارتياء مع مراعاة إسراع التغير إلى المبيع وإبطائه عنه، خلافا للشافعي وأبي حنيفة رحمهما الله في قولهما: إنه لا يجوز الخيار في شيء من الأشياء فوق ثلاث.