منه فلا يجوز له أن يبيعها منه بمثل الثمن ولا بأكثر ولا بأقل، لأنه فسخ الدين في الدين، إلا أن يكون نقد الثمن بغير شرط على كلا القولين في مذهب ابن القاسم، وقال سحنون: يجوز أن يبيعها منه على القول الذي يرى فيه الضمان من البائع؛ قياسا على ما أجازه مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - من الإقالة في الجارية التي في المواضعة، وقوله أظهر في القياس.
وأما إن باعها منه بخلاف الثمن الذي اشتراها به مما يجوز بيعها به، فذلك جائز إذا لم ينتقد بشرط، إلا أن يكون قريب الغيبة مما يجوز النقد فيه، قال في الكتاب: لا أرى بذلك بأسا إذا علم أن الثوب قائم حين وقعت الصفقة الثانية في مسألة من آجر داره من رجل شهرين بثوب موصوف في بيته، ثم باع ذلك الثوب منه قبل أن يقبضه منه بدراهم أو بدنانير أو بثوبين مثله من صنفه، أو بسكنى دار له أخرى، وهو كلام فيه نظر إذ ليس من شرط صحة العقد على الغائب أن يعلم قيامه حين العقد، كما يظهر من ظاهر اللفظ؛ إذ لو كان ذلك من شروط صحته لما جاز بيع غائب بحال، إذ لا طريق إلى معرفة قيام الشيء للغائب في حال غيبته، فمعنى الكلام والمراد به أن الصفقة إذا وقعت فعلم بعد وقوعها أن الثوب كان قائما في حين وقوعها، صحت وعلم انتقال الملك بها من المشتري إلى البائع، والضمان أيضا من البائع إلى المشتري، على قول مالك رحمه اللة تعالى الآخر واختيار ابن القاسم، أو من المشتري إلى البائع، على قول مالك الأول، وإن وجدت السلعة بعد الصفقة قد تلفت قبل الصفقة، أو لم يعلم إن كان تلفها قبل الصفقة أو بعدها، فالصفقة باطلة لا ينتقل بها ملك الثوب ولا ضمانه عما كان عليه، وقد تكلم عبد الحق على توجيه هذا اللفظ فحكى عن بعض شيوخه القرويين أنه قال: