واختلف في بيعه مع المكيل مما أصله أن يباع كيلا على قولين، (أحدهما) أن ذلك جائز، وإليه ذهب ابن زرب وأقامه من إجازته في السلم الأول من المدونة، أن يسلم في ثياب وطعام صفقة واحدة (والثاني) أن ذلك لا يجوز، وإليه ذهب ابن العطار في وثائقه، ولا اختلاف في جواز بيع الكيلين في صفقة واحدة وجزافين في صفقة واحدة أيضا على كل حال، ولا يجوز بيع الجزاف مع العروض في صفقة واحدة إلا عند ابن حبيب، فإنه ذهب إلى أن الجزاف مما أصله أن يباع كيلا، لا يجوز بيعه مع العروض في صفقة واحدة، وهو بعيد، وأما بيع الجزاف على الكيل، فلا ينضاف إليه في البيع شيء بحال على الصحيح من الأقوال، وهو مذهب ابن القاسم. وأما بيع الجزافين على الكيل، فإن كانا على صفة واحدة وبكيل واحد، جاز باتفاق، وإن اختلف الكيل والصفة جميعا لم يجز باتفاق، وإن اتفق أحدهما واختلف الآخر، جاز على اختلاف بين ابن القاسم وأشهب، فعلى مذهب ابن القاسم لا يجوز أن يبيع الرجل قريته تكسيرا، كل قفيز بكذا، إلا أن يستوي أرضها في الطيب والكرم ولا يكون فيها ثمرة ولا دار تدخل في البيع، فإن باع منها زرعا مسمى من موضع بعينه، أو على أن يأخذ المشتري من أي موضع أحب، فعلى ما تقدم لا يجوز أن يضاف إلى ذلك في الصفقة جزاف مما أصله أن يباع جزافا ولا مما أصله أن يباع كيلا؛ وكذلك إن باعها كلها على أن تكسيرها كذا وكذا على مذهب من حكم لذلك بحكم شراء الذرع المسمى إن كان فيها أكثر مما سمى، كان الزائد للبائع، وإن كان فيها أقل، كان بالخيار بين أن يأخذ ما وجد بحسابه من الثمن أو يرد، إلا أن يكون النقصان يسيرا فيلزمه ما وجد بحسابه من الثمن، وأما على مذهب من جعل ذلك كالصفة للأرض إن وجد فيها أكثر من الذرع المسمى، كان للمبتاع، وإن وجد أقل، كان المبتاع بالخيار بين أن يأخذ بجميع الثمن أو يرد، فلا يجوز أن ينضاف إلى ذلك في الصفقة كيل مما أصله أن يباع جزافا باتفاق، ولا كيل مما أصله أن يباع كيلا على ما تقدم من الاختلاف،