الله تنقسم على أربعة أقسام، (أحدهما) يفسخ به البيع على كل حال، ولا خيار في إمضائه لأحد المتبايعين، فإن كانت السلعة قائمه ردت بعينها؛ وإن كانت فائتة، صح البيع فيها بالقيمة - بالغة ما بلغت، كانت أكثر من الثمن أو أقل؛ وهو ما آل البيع به إلى الإخلال بشرط من الشروط المشترطة في صحة العقد، كعدم الربا والغرر في الثمن أو المثمون وما أشبه ذلك. (والثاني) يفسخ فيه البيع ما دام مشترط الشرط متمسكا بشرطه، فإن رضي بترك الشرط صح البيع إن كان لم يفت، وإن كان قد فات كان فيها الأقل من الثمن أو القيمة، أو الأكثر من القيمة أو الثمن على التفسير الذي قدمناه في بيوع الثنيا. (والثالث) يجوز فيه البيع والشرط، وذلك إذا كان الشرط صحيحا ولم يؤل البيع به إلى غرر ولا فساد في ثمن ولا مثمون، ولا إلى ما أشبه ذلك من الإخلال بشرط من الشرائط المشترطة في صحة البيع، وذلك مثل أن يبيع الرجل الدار ويشترط سكناها أشهرا معلومة، أو يبيع الدابة ويشترط ركوبها أياما يسيرة أو إلى مكان قريب، أو يشترط شرطا يوجبه الحكم، وما أشبه ذلك. (والرابع) يجوز فيه البيع ويفسخ الشرط، وذلك ما كان الشرط فيه غير صحيح، إلا أنه خفيف فلم يقع عليه حصة من الثمن، وذلك مثل أن يبيع السلعة ويشترط إن لم يأت بالثمن إلى ثلاثة أيام أو نحوها فلا بيع بينهما، مثل الذي يبتاع الحائط بشرط البراءة من الجائحة، لأن الجائحة لو أسقطها بعد وجوب البيع، لم يلزمه ذلك، لأنه أسقط حقا قبل وجوبه؛ فلما اشترط إسقاطها في عقد البيع، لم يؤثر ذلك عنده في حصته؛ لأن الجائحة أمر نادر فلم يقع لشرطه ذلك حصة من الثمن، ولم يلزم الشرط، إذ حكمه أن يكون غير لازم إلا بعد وجوب الرجوع بالجائحة وما أشبه ذلك؛ فهذا مذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - في الشروط المقترنة بالبيع، وعلى هذا الترتيب لا يتعارض ما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في هذا الباب، خلاف ما ذهب إليه أهل العراق، روي أن عبد الوارث بن سعيد قال: قدمت مكة فوجدت فيها أبا حنيفة، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ -، فسألت أبا حنيفة فقلت: ما تقول في رجل باع بيعا واشترط شرطا، فقال: البيع باطل والشرط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015