بالقيمة، فإذا حل الأجل، لم يكن له على المشتري الأول- أكثر من ذلك لئلا يكون قد دفع دنانير في أكثر منها، فيتم الربا بينهما، وهذا يأتي على ما في سماع سحنون من كتاب السلم والآجال. (والثالث) أنه إن كانت القيمة أقل من الثمن فسخت البيعتان ولم يكن للبائع على المبتاع إلا الثمن الذي دفع إليه، وإن كانت أكثر من الثمن فسخت البيعة الثانية خاصة، وقضي عليه بالقيمة؛ فإذا حل الأجل أخذ الثمن؛ وإلى هذا ذهب عبد الحق تأويلا على ابن القاسم، وهو قول سحنون نصا، وفي حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - في بعض الروايات: بئسما شريت أو بئسما اشتريت، على الشك من المحدث، فعلى هذه الرواية لا يكون على ابن القاسم حجة من الحديث، وإن كانت المبايعة المذكورة في الحديث وقعت بين أم ولد زيد ابن أرقم ومولاها، وهي أم ولد قبل أن يبتل عتقها، فيأتي قول عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فيه على تحظير الربا بين العبد وسيده مع القول بتحريم الذرائع، وفعل زيد بن أرقم على إجازة ذلك أو استجازة الذرائع، وإن كانت المبايعة وقعت بينهما وقد بتل عتقها ففعل زيد بن أرقم على استجازة الذرائع؛ وكان شيخنا الفقيه ابن رزق يضعف حديث عائشة هذا، لقولها فيه: أبلغي زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إن لم يتب، لأنه خلاف ما جاء في القرآن من أن الحسنات يذهبن السيئات، وأن الأعمال لا تبطل إلا بالردة، لقول الله عز وجل: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65]، وقوله: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [البقرة: 217]؛ وهذا لو جاز أن يحمل عن زيد بن أرقم أنه عمل مع أم ولده في الباطن بما أظهراه من البيعتين على أن يأخذ منها ستمائة دينار في ثمانمائة إلى أجل، وهذا ما لا يحل لمسلم أن يتأوله عليه، فالذي فعل لا إثم عليه فيه ولا حرج فيما بينه وبين خالقه عند أحد من الأئمة،