معناها أرعني سمعك وفرغه لي لتعي قولي وتفهم عني؛ لأنها كلمة سب عند اليهود، فكانت تسب بها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أنفسها، فلما سمعوها من أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرحوا بها، واغتنموا أن يعلنوا بها للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويظهروا سبه، فلا يلحقهم في إظهاره شيء. فأطلع الله نبيه والمؤمنين على ذلك، ونهى عن الكلمة، لئلا يكون ذلك ذريعة لليهود إلى سب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد تؤولت الآية على غير هذا، وهذا أظهر ما قيل فيها. وقال الله تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: 65]، وقال: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: 163] وجه الدليل من هذه الآيات على وجوب المنع من الذرائع: أن الله حرم على اليهود الاصطياد يوم السبت ابتلاء لهم، وذلك أن اليهود قالوا لموسى حين أمرهم بالجمعة وأخبرهم بفضلها: كيف تأمر بالجمعة وتفضلها على سائر الأيام والسبت أفضل الأيام كلها، لأن الله تعالى خلق السماوات والأرض والأوقات في ستة أيام، وسبت له كل شيء مطيعا يوم السبت، فقال الله عز وجل لموسى: دعهم وما اختاروه، ولا يصيدون فيه سمكا ولا غيره ولا يعملون فيه شيئا، فكانت الحيتان تأتيهم يوم السبت شارعة ظاهرة كما قال الله تعالى، وتغيب عنهم سائر الأيام فلا يصلون إليها إلا بالاصطياد والعناء، فكانوا يسدون عليها المسالك يوم السبت ويأخذونها في سائر الأيام، ويقولون: لا نفعل الاصطياد الذي نهينا عنه في يوم السبت، وإنما نفعله في غيره، فعاقبهم الله على فعلهم ذلك، لأنه ذريعة للاصطياد الذي نهوا عنه وإن لم يكن اصطيادا على الحقيقة - بأن مسخهم قردة وخنازير - كما أخبر تعالى في كتابه، وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: