: من أسلف سلفا فلا يشترط أفضل منه وإن كان قبضة من علف، فهو ربا.

فصل

وتفسير ذلك مقيس على الربا المحرم بالقرآن، ربا الجاهلية؛ إما أن تقضي وإما أن تربي؛ لأن تأخيره بالدين بعد حلوله على أن يربي له فيه سلف جر منفعة، وإنما يجوز في السلف أن يأخذ أفضل مما أسلفه إذا كان ذلك من غير شرط، كما «فعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين استسلف من رجل بكرا فقضاه جملا خيارا رباعيا وقال: "إن خيار الناس أحسنهم قضاء»، وكره مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أن يأخذ أكثر عددا في القرض في مجلس القضاء، ولا بأس به بعد المجلس إذا لم يكن وأي ولا عادة، فإذا أسلم الصنف من العروض والحيوان في مثله أكثر عددا أو أفضل في الصفة، فذلك حرام وربا؛ لأنه قد قرض بزيادة يشترطها في العدد والصفة، وإن كان أسلمه في أقل من عدده أو أدنى من صفته، فإنما اغتفر كثرة العدد أو أفضل الصفة لابتغاء الضمان، وذلك كله لا يجوز لنهي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن سلف جر منفعة، حتى إذا اختلفت الصفة اختلافا بينا فتباعدت، أشبهت الصنفين وخرجت عن معنى القرض إلى البيع الجائز، فجاز أن يسلم بعضها في بعض، لجواز نفاق كل واحد من الصنفين، وكساده دون الآخر، ولا يجوز ذلك في الصنف الواحد، فإذا لم يجز ذلك فيه كان المسلم له في مثله على يقين من النفع الذي اشترطه فلم يجز، بخلاف الصنفين اللذين لا يكون في سلم أحدهما في صاحبه المسلم ولا المسلم إليه على يقين من النفع الذي يبتغيه، لجواز نفاق كل واحد من الصنفين دون صاحبه.

فصل

وأما تسليم العين بعضه في بعض: الذهب في الفضة أو الفضة في الذهب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015