أقوال؛ (أحدها): قول مالك الأول في المدونة، أن الذي يوجبه الحكم أن يتأخر الذي له السلم إلى عام مقبل، فإن تراضيا واتفقا على المحاسبة، فعلى قولين، أحدهما أن ذلك لا يجوز لهما، لأنه يدخله البيع والسلف، وهو قول مالك الأول في المدونة، والثاني أن ذلك جائز، وهو قول مالك الآخر الذي رجع إليه، وهو قول سحنون: من طلب التأخير منهما فذلك له، إلا أن يجتمعا على المحاسبة. (والقول الثاني) قول أشهب: إن الذي يوجبه الحكم المحاسبة وأخذ بقية رأس المال، فإن اتفقا على أن يتأخر الذي له السلم إلى سنة أخرى فعلى قولين، أحدهما أن ذلك لا يجوز - وهو قول أشهب، لأنه يدخله فسخ الدين في الدين، والآخر أن ذلك جائز - وهو قول أصبغ، وهو قول ضعيف لا يحمله القياس؛ فهذه أربعة أقوال يتفرع كل واحد من القولين المذكورين إلى قولين كما حكيناه، والقول الخامس قول ابن القاسم في المدونة وكتاب ابن المواز: إن الذي له السلم مخير، إن شاء أن يتأخر إلى سنة مقبلة، وإن شاء أن يأخذ بقية رأس ماله، وهو قول ضعيف معترض أيضا من الوجه الذي اعترض به قول أصبغ، وحكى فضل في كتابه أن الذي وقع في المدونة من قوله: من طلب التأخير منهما فذلك له، إلا أن يجتمعا على المحاسبة، هو قول ابن القاسم، والصحيح أنه من قول سحنون كما ذكرنا؛ لأن قوله: من طلب التأخير منهما فذلك له، إلا أن يجتمعا على المحاسبة، لا يتسق مع قول ابن القاسم قبل ذلك، أنه إن شاء أن يؤخر الذي له السلم إلى إبانه من السنة المقبلة، فذلك له، بل يتنافى ويتدافع مع ما لابن القاسم مكشوفا في كتاب ابن المواز: أن الذي له السلم مخير، وكذلك هو في بعض الأمهات من قول سحنون مكشوفا؛ وحكى ابن حبيب عن مالك أن الذي له السلم مخير مثل قول ابن القاسم، فخلط قولي مالك وجعلهما قولا واحدا فأفسدهما؛ وحكى فضل أيضا عن سحنون أنهما مجبوران على