ويجوز قرضه على شروط يأتي وصفها، إن شاء الله تعالى، خلافا لأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - في قوله: إن السلم والقرض في الحيوان لا يجوز، ولداود وطائفة من أهل الظاهر في قولهم: إن السلم فيما عدا المكيل والموزون لا يجوز.
فمن الدليل على صحة قولنا في إجازة السلم في الحيوان والعروض وجميع ما يضبط بالصفة: أن الله تبارك وتعالى أباح البيع لعباده وأذن لهم فيه إذنا مطلقا وإباحة عامة في غير ما آية من كتابه، فقال تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] وقال: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29]، وقال: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} [البقرة: 282]، وقال: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198]، يريد التجارة هذا معنى الآية: لأنه قد قرئ ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج، فتحمل هذه القراءة على التفسير، وقال تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] على أنه قد اختلف في قول الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]، و {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]، {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97]، و {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183]، هل هي من الألفاظ العامة أو من الألفاظ المجملة؟ فمن أهل العلم من ذهب إلى أنها كلها مجملة لا يفهم المراد بها من لفظها، وتفتقر في البيان إلى غيرها، ومنهم من ذهب إلى أنها كلها عامة يجب حملها على عمومها بحق الظاهر حتى يأتي ما يخصصها، وذهب أبو محمد بن نصر، وهو عبد الوهاب صاحب الشرح من البغداديين، إلى أنها كلها مجملة إلا قَوْله تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]،