فصل

ويختلف ما يكون المولي به فائيا باختلاف أيمانه، فما كان منها لا يقدر على إسقاطه عن نفسه قبل الحنث لم يكن له أن يفيء فيه إلا بالجماع، وما كان منها يقدر أن يسقطه عن نفسه قبل الحنث ظاهرا وباطنا قبلت منه الفيئة بإسقاط اليمين عن نفسه [وما كان منها يقدر أن يسقطه عن نفسه في الظاهر ولا يعلم حقيقة ذلك في الباطن إلا من قبله فيختلف هل يقبل منه الفيئة بإسقاط اليمين عن نفسه] في الظاهر على قولين. فإن كان للمولي عذر يمنعه من الجماع من مرض أو سفر أو حيض أو دم نفاس أو ما أشبه ذلك لم تخل يمينه من الثلاثة الأوجه المذكورة: أحدها: أن يكون مما لا يقدر على إسقاطه قبل الحنث، مثل أن تكون يمينه بعتق غير معين أو صدقة شيء بغير عينه أو ما أشبه ذلك.

والثاني: أن يكون مما يقدر على إسقاطه قبل الحنث ظاهرا فيعلم بذلك أن اليمين قد انحلت عنه بفعل ما حلف به، وذلك مثل أن يحلف بعتق عبد بعينه أن لا يطأ امرأته أو بطلاق امرأة له أخرى ثلاثا وما أشبه ذلك. والثالث: أن يقدر على إسقاط اليمين عن نفسه في الباطن من غير أن يعلم ذلك في الظاهر إلا من قبله، وذلك مثل أن تكون يمينه بالله تعالى أو ما تكون كفارته كفارة يمين بالله تعالى. فإذا كانت يمينه لا يقدر على إسقاطها عن نفسه قبل الحنث كحلفه بعتق غير معين أو ما أشبه ذلك من صدقة أو مشي أو صيام أو ما أشبه ذلك، فالفيئة له بالقول إلى أن يزول العذر فيوقف، فإما أن يفيء وإما أن يطلق؛ إذ لا تسقط عنه اليمين ولا ينحل عنه الإيلاء يما يعتق ويتصدق به قبل الوطء إذا لم يكن ذلك بعينه. هذا هو المشهور الذي يوجبه النظر والقياس. وقد روي عن مالك فيمن آلى بعتق غير معين فأعتق لذلك رقبة قبل الحنث أنه يجزئه وقع ذلك في كتاب الظهار من المدونة، ومثله في كتاب ابن المواز، وهو بعيد.

وأما إن كانت يمينه بعتق عبد بعينه أو صدقة شيء بعينه أو ما أشبه ذلك من المعينات فلا يقبل منه فيئة بالقول دون أن يعتق العبد الذي حلف بعتقه أو يتصدق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015