إلى أنه إنما يتعلق بالوطء خاصة دون ما دونه من دواعيه لم يلزمه الظهار. هذا على اختلافهم في تأويل قول الله عز وجل: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] هل هو محمول على عمومه في الوطء وما دونه أو مخصص في الوطء خاصة دون ما دونه. وقد تقدم ذكر ذلك. وقد أجرى اللخمي قول الرجل لامرأته قبلتك أو ملامستك علي كظهر أمي على هذا الاختلاف، فانظر في ذلك. وأما إن امتنع الوطء لعارض يؤثر في صحة الملك كالكتابة أو عقد العتق إلى أجل، أو في صحة النكاح كالشروط التي تفسد النكاح ويجب فسخه بها لم يلزمه الظهار فيها بقوله هي علي كظهر أمي إلا أن يريد في المملوكة نكاحا فاسدا أو المعتقة إلى أجل إن تزوجها، أو في المكاتبة إن عجزت أو تزوجها.
وقد اختلف من هذا المعنى في مسألة وهي إذا أسلم المجوسي وله زوجة مجوسية فظاهر منها ثم أسلمت بالقرب، فقال ابن القاسم: إن الظهار يلزمه؛ لأنها لما أسلمت بالقرب وبقيت معه على العصمة دل ذلك على أن ظهاره منها وقع في حال العصمة، إلا أنه كان ممنوعا منها لعارض لم يؤثر في صحة النكاح، فأشبه الحيض والاعتكاف. وقال أشهب: إن الظهار لا يلزمه، قال ابن يونس: لأنها كانت حينئذ غير زوجة. وذلك غير صحيح؛ لأنها لو كانت غير زوجة لم ترجع إليه إلا بنكاح جديد، بل هي في ذلك الوقت زوجة إلا أن لها أن تختار فراقه باختيار دينها وثبوتها عليه، فليس كون الفراق بيدها مما يمنع وقوع الظهار عليها. ألا ترى أن الرجل لو قال لامرأته: إن تزوجت عليك فأمرك بيدك ثلاثا فتزوج عليها ثم ظاهر منها أن الظهار يلزمه.
فصل
وانظر على مذهب ابن القاسم إن ظاهر منها بفور إسلامه في حين لو أسلمت لبقيت معه على النكاح فعرض عليها الإسلام فأبت فوقعت الفرقة بينهما ثم أسلمت فتزوجها هل يرجع عليها الظهار أم لا؟ فإن قلت إن إسلامه لا يقطع العصمة إلا أن