أنها تكون واحدة إلا أن تريد بذلك ثلاثا. وهذا الاختلاف الواقع بين ابن القاسم وابن وهب في الذي يحلف غريمه بالطلاق ليدفعن إليه حقه إلى أجل، فيقول صاحب الحق أردت ثلاثا، ويقول الغريم أردت واحدة. قال فلو كانت هذه اللفظة لا تقع إلا على ثلاث تطليقات عند ابن القاسم لما قال القول قول صاحب الحق ولقال هي ثلاث قال صاحب الحق: إنه نواها أو لم يقل. ولو كانت لا تقع أيضا عند ابن وهب إلا على ثلاث تطليقات لما قال القول قول الغريم. ولا دليل له فيما استدل به من ذلك على مذهبه؛ لأن اللفظ قد يراد بها الواحدة وقد يراد بها الثلاث على ما بيناه، فجعلها ابن القاسم ثلاثا على نية المحلوف له، وجعلها ابن وهب واحدة على نية الحالف، ولا إشكال في المسألة مع وجود النية بواحدة أو ثلاث، وإنما الإشكال عند عدمها. والصحيح على مذهب ابن القاسم في المدونة ما ذكرته. واستدل على مذهبه في ذلك بقول الله عز وجل: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229]، وبحديث زبراء قالت: فقلت هو الطلاق ثم الطلاق ثم الطلاق ففارقته ثلاثا. فأما الآية فلا متعلق له فيها، وأما الحديث فله فيه وجه من التعلق. قال اللخمي:
فإن قائل قائل: لأي شيء لا يكون التخيير ثلاثا إذا قالت قد اخترت الطلاق ولم تنو شيئا إذ لا خيار لها إلا في الثلاث؟
قيل له: يلزمك أن تقول هذا في قولها في التخيير قد طلقت نفسي ولا نية لها [أنها ثلاث؛ إذ لا خيار لها إلا في الثلاث. وهذا محال أن يجعل قولها قد طلقت نفسي ولا نية لها] ثلاثا.
قلت: ما هو بمحال، وأصبغ يرى أنها ثلاث في التمليك فكيف في الخيار، وهو مذهب ابن القاسم في المدونة.