ابن القاسم، ويضرب له أجل الإيلاء على القول الذي يقول: لا يطأ إذا كان الأجل أكثر من أربعة أشهر، فهذا حكم هذا القسم إلا في مسألتين: أحدهما: أن يقول: امرأتي طالق إن لم أطلقها. والثانية: أن يقول: امرأتي طالق إن لم أحبلها. فأما إذا قال: امرأتي طالق إن لم أطلقها ففي ذلك ثلاثة أقوال: أحدها: أن الطلاق يعجل عليه ساعة حلف. ووجه ذلك أنه حمله على التعجيل والفور، فكأنه قال: أنت طالق إن لم أطلقك الساعة. والثاني: أن الطلاق لا يعجل عليه إلا أن ترفعه امرأته إلى السلطان وتوقفه على الوطء. والثالث: أنه لا يطلق عليه إن رفعته امرأته ويضرب له أجل الإيلاء، فإن طلقها وإلا طلق عليه بالإيلاء عند انقضاء أجله، ولم يمكن من الوطء؛ لأنه لا يجوز له من أجل أنه على حنث. وإن اجترأ فوطئ سقط عنه الإيلاء واستؤنف ضربه له ثانية إن رفعت امرأته أمرها إلى السلطان. وفائدة ضرب أجل الإيلاء على هذا القول وإن لم يمكن من الفيء بالوطء رجاء أن ترضى في خلال الأجل بالبقاء معه على العصمة دون وطء.
وأما إذا قال: امرأتي طالق إن لم أحبلها فإنه يطأ أبدا حتى يحبلها؛ لأن بره في إحبالها. وكذلك إن قال لامرأته: أنت طالق إن لم أطأك له أن يطأها؛ لأن بره في وطئها، فإن وقف عن وطئها كان موليا عند مالك والليث فيما روي عنهما. وقال ابن القاسم: لا إيلاء عليه، وهو الصواب.
وأما إذا كان ذلك الفعل مما لا يمكنه فعله في الحال، مثل أن يقول: امرأتي طالق إن لم أحج، وهو في أول العام، ففي ذلك أربعة أقوال: أحدها: أنه يمنع من الوطء الآن وهو ظاهر قول ابن القاسم في كتاب الإيلاء من المدونة، ورواية عيسى عنه في الأيمان بالطلاق من العتبية. والثاني: أنه لا يمنع من الوطء حتى يمكنه فعل ذلك الفعل. والثالث: أنه لا يمنع من الوطء حتى يخشى فوات ذلك الفعل. والرابع: أنه لا يمنع منه حتى يفوت فعل ذلك الفعل.