كان من المباح الذي ليس لله فيه طاعة ولا معصية للمعنى الذي قدمت ذكره وهو أن الحالف به مطلق على صفة ما.

فصل

وأما الوجه الثالث المختلف فيه فهو يمينه بكل ما فيه طاعة وقربة أن يفعل فعلا أو أن لا يفعله من صلاة أو صيام أو مشي إلى بيت الله أو غزو أو حج أو ما أشبه ذلك، فذهب مالك وأصحابه إلى أن ذلك يلزمه باليمين إذا حنث فيها كما يلزمه بالنذر. وهذا أصل مذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وقد شذت له مسائل يسيرة عنه، وخالفه في هذا الأصل جماعة من العلماء على اختلاف كثير في ذلك عنهم.

فصل

فإن استثنى في ذلك بمشيئة مخلوق نفعه الاستثناء، وإن استثنى فيه بمشيئة الخالق جرى ذلك على الاختلاف المذكور، ولا لغو يمين في ذلك أيضا.

فصل

وأما الوجه الثاني من وجوه اليمين بغير الله فهو أن يحلف بحق شيء من الأشياء أن يفعل فعلا أو أن لا يفعله، كقوله وأبي لأفعلن كذا وكذا، أو والنبي أو ومكة أو والصلاة والزكاة والطلاق لا أفعله وما أشبه ذلك، فهذا كله ليس بيمين ولا كفارة فيه على من حلف بشيء من الأشياء وحنث فيه، إلا أنه يكره ذلك له، لنهي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن اليمين بغير الله، ولأن الحالف بالشيء قاصد إلى تعظيم المحلوف به، والله أحق من قصد إلى تعظيمه. وقد اختلف في قول الله عز وجل: والطور، والسماء، والطارق، والنجم، والتين، والزيتون، وما أشبه ذلك من الأيمان الواردة في القرآن، فقيل: إن ذلك من المجاز وأن المعنى فيه ورب الطور ورب السماء والطارق ورب النجم وما أشبه ذلك، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82]، وقيل: إن ذلك على الحقيقة لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015