من لبن يرضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن أمه. فمن علل ذلك بحقها في الحضانة يقول: إن الأب إن وجد من يرضعه له عند أمه باطلا لم يكن لها حجة. ومن علل بالعلة الأخرى فحجتها باقية. وروى ابن وهب عن مالك أن الأم إن لم ترد أن ترضعه باطلا أو بما وجد كان له أن يدفعه إلى من يرضعه باطلا أو بما وجد. ومعنى ذلك إذا أرضعته عند أمه ولم تخرجه من حضانتها. وهذا القول أشبه بظاهر قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6]، وأما إن أبت الأم أن ترضعه فيستأجر له الأب من يرضعه وليس عليه أن يكون في ذلك عند أمه. فعلى هذا تحمل الروايات الواردة في هذا إن شاء الله تعالى.

فصل

وإذا قلنا: إن الحضانة من حق الحاضن فهل يملك الحاضن إسلامه إلى من شاء من الأولياء أم لا؟ في ذلك اختلاف. قيل: إن للحاضن أن يسلم الولد إلى من شاء من الأولياء وإن كان غيره أحق به منه، وهو ظاهر ما في المدونة؛ لأنه قال: إن المرأة إذا صالحت زوجها على أن يكون الولد عنده جاز ذلك وكان أحق بالولد، فظاهره وإن كان له جدة أو خالة؛ إذ لم يشترط ذلك. وقيل: إنه لا يملك ذلك، وإنما هو حقه، فإن شاء أخذه وإن شاء تركه، فإن تركه كان لمن يجب له بعده، كشفعاء في الشفعة ليس لمن كان منهم أحق بها أن يسلمها لمن شاء، وإنما هو حقه إن شاء أخذه وإن شاء تركه، فإن تركه كان لمن يجب له بعده.

فصل

واختلف في حد الحضانة فقيل إلى البلوغ، وقيل إلى الإثغار، وهي رواية ابن وهب عن مالك، وبالله التوفيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015