زَكَرِيَّاءُ)، ويقرأ (وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّاء)، بتشديد الفاء. فمن قرأ وكفلها زكرياء قال معناه كفلها الله إياه، أي أوجب له كفالتها بالقرعة التي أخرجها له والآية التي أظهرها لخصومه فيها. وذلك أن زكرياء وخصومه فيها لما تنازعوا أيهم يكفلها تساهموا بقداحهم فرموا بها في نهر الأردن فقام قدح زكريا ثابتا في الماء، لم يجر كأنه في طين وجرى بقداح الآخرين، فجعل الله ذلك علما بأنه أحق المتنازعين فيها. وقيل: بل صعد قدح زكرياء في النهر وانحدرت قداح الآخرين، فكانت قداحهم التي استهموا بها أقلامهم التي كانوا يكتبون بها التوراة، فذلك قوله: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [آل عمران: 44]، وكان زكرياء قد قال لهم: أنا أحق بها منكم؛ لأن عندي أختها أو خالتها على اختلاف في ذلك؛ لأنه قيل: إن زوجته أم يحيى كانت خالة مريم، وقيل: بل كانت أختها، فحكم الله بها لزكرياء لموضع أختها أو خالتها.

وعلى هذا أتى شرعنا؛ لأن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قضى بابنة حمزة بن عبد المطلب لجعفر بن أبي طالب؛ إذ تنازع فيها علي بن أبي طالب وجعفر وزيد بن حارثة، فقال علي: هي ابنة عمي وعندي بنت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأنا أحق بها، وقال جعفر: هي ابنة عمي وعندي خالتها فأنا أحق بها، وقال زيد: هي ابنة أخي وتجشمت لها السفر وكان قد خرج عنها حين أصيب حمزة فأقدمها». وعلى هذا مذهبنا أن الحاضنة إذا كان زوجها وليا من أولياء المحضون فهي أحق به من سائر الأولياء وإن كان زوجها أبعد منهم.

فصل

وإنما كفلها زكرياء؛ لأنها كانت يتيمة توفيت أمها بعد موت أبيها وهي صغيرة.

فصل

وأما السنة فمنها «قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للمرأة المطلقة من أبي الطفيل حين قالت له: إن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015