ذكر الفدية حكم على حياله، فلا فرق بين أن يذكر بين ذكر الطلقتين والطلقة الثالثة أو في غير ذلك الموضع. وقد بين ذلك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقوله لثابت بن قيس بن شماس: " هي واحدة ". وهذا نص في موضع الخلاف. وذهب أبو ثور إلى أنها طلقة رجعية، وذلك بعيد؛ لأنها إنما بذلت المال على إزالة الضرر، ولا يزول الضرر عنها إلا بملكها نفسها. وقد اختلف إذا بارأها على أن يعطيها أو على أن لا تعطيه ولا يعطيها، فقيل هي طلقة رجعية، وهو قول مطرف، وقيل هي طلقة بائنة، وهو قول ابن القاسم، وقيل هي ثلاث تطليقات وهو قول ابن الماجشون.
ويجوز الخلع على ما أعطاها وعلى أكثر من ذلك وأقل منه لقول الله عز وجل: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] ولو كان كما يقول بعض الناس: إنه لا يجوز للزوج أن يأخذ منها في الخلع أكثر مما أعطاها لكان، فلا جناح عليهما فيما افتدت به منه؛ لأن القائل لو قال لا تشتم فلانا إلا أن يشتمك فإن شتمك فلا جناح عليك فيما فعلت به، ولم يقل منه أو من ذلك لكان قد أباح له أن يشتمه وأن يفعل به ما شاء من ضرب وغيره.
فصل
ويجوز الخلع بالغرر والمجهول؛ لأنه ظاهر عموم قول الله عز وجل: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229]، وإذ ليس طريقه طريق المبايعات التي تبتغى فيها الأثمان، وإنما المبتغى فيه تخليص الزوجة من ملك الزوج، فلا يضر الجهل بالعوض. ألا ترى أن النكاح لما لم يكن طريقه طريق المبايعات المحضة وكان المبتغى فيه المكارمة والاتصال جاز على عبد غير موصوف وعلى شوار بيت غير موصوف وما أشبه ذلك من الغرر اليسير الذي لا يذهب جملة فيبقى البضع بلا صداق؛ لأن الصداق حق لله تعالى، فلا يجوز إسقاطه. والخلع لا حق لله فيه فجاز