كجميعه بعد الدخول. وإن تبين لهما أن الضرر من قبل المرأة أقراها تحته وائتمناه على غيبها وأذنا له في تأديبها كما أمره الله تعالى.

وإن تبين لهما أن كل واحد منهما مضر بصاحبه فرقا بينهما بغرم بعض الصداق: نصفه إن كان إضرار كل واحد منهما بصاحبه متكافئا، وأكثر من النصف إن كان الإضرار منها أكثر، وأقل من النصف إن كان الإضرار منها أقل. هذا قول ربيعة في المدونة، ومثله في كتاب ابن المواز، وهو مذهب مالك وأصحابه. وقال ابن أبي زيد: إنه إن تبين لهما أن الضرر والنشوز من قبل المرأة جاز للزوج ما أخذا له منها على الفراق، وإن كان ذلك أكثر مما أصدقها، قاله ابن الماجشون في المبسوط، ظاهره أحبت أو كرهت إذا أحب هو الفراق. ومعنى ذلك عندي على ما في المدونة إن طاعت به. وبالله سبحانه وتعالى التوفيق.

فصل

فإن قال قائل: إذا كان الزوج لا يجوز له أن يأخذ من زوجته شيئا على فراقه إياها إذا أضر كل واحد منهما بصاحبه فكيف يجوز له أن يأخذ ما حكم به الحكمان من صداقها إذا تبين لهما أن كل واحد منهما مضر بصاحبه وقد نص الله تبارك وتعالى في كتابه على أن حكم الحاكم لا يحل مال أحد لأحد فقال: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 188] وسأل عن الفرق بين الموضعين.

فالجواب عن ذلك أن الزوج في الخلع قد اختار الطلاق وأجبر الزوجة على أخذ مالها بما كان من ضرره إليها، وذلك ما لا يجوز له، لقول الله عز وجل: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: 19]، وفي حكم الحكمين لم يختر الطلاق بل أجبره عليه الحكمان كما أجبرا الزوجة على إعطاء المال، وساغ له أخذه عوضا عن إخراج الزوجة عن ملكه حكما من الله عز وجل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015