وذهب إسماعيل القاضي إلى أن الخلع يجوز، ويسوغ للزوج ما أخذ منها على الطلاق إذا كان النشوز والكراهة منها. وإذا خافا أن لا يقيما حدود الله فاشتركا في المخافة جميعا؛ لقول الله عز وجل: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229]، وليس قوله بخلاف لما حكيناه عن مالك وأصحابه من أن الخلع لا يجوز للزوج وإن كرهته المرأة ونشزت عليه وأضرت به إذا فارقها على بعض ذلك؛ لأنه إنما حمل المخافة على بابها، فأباح الفدية قبل وقوع ما خافاه مخافة أن يقع. فإذا كره كل واحد منهما صاحبه فخاف هو إن أمسكها أن لا يقيم حدود الله فيها من أجل كراهته إياها، وخافت هي أن لا تقوم بما يلزمها من حقه فخالعته مخافة الإثم والحرج فقد أعطته مالها على الطلاق طيبة به نفسها إذ لم يضطرها إلى ذلك باضطرار كان منه إليها.
وأما ابن بكير فإنه حمل الخوف المذكور في الآية على العلم، إلا أنه ذهب إلى أن الخطاب فيها إنما هو للولاة كآية التحكيم سواء، فقال: تقدير الكلام فإن خفتم يا ولاة، أن لا يقيم الزوجان حدود الله فيما بينهما فلا جناح عليكم فيما أخذتم من مالها وفرقتم بينهما. فالاختلاف بينه وبين ابن بكير إنما هو في تأويل الآية في الموضع الذي يجوز فيه الخلع من الذي لا يجوز فيه، لا اختلاف [في المذهب] أن الزوج لا يجوز له أن يأخذ من زوجته شيئا على طلاقها إلا إذا كان النشوز من قبلها ولم يكن منه في ذلك ضرر إليها؛ إذ ليس له أن يعارضها على نشوزها عليه بالإضرار لها والتضييق عليها حتى تفتدي منه لقول الله عز وجل: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: 19]، وإنما له أن يعظها، فإن اتعظت وإلا