كان وقع في العدة أو قبل الولاة فسخ. وهذان القولان لمالك ومرويان عن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وقد روي عنه أيضا أن زوجها إن جاء وقد تزوجت خير في زوجته أو في صداقها، وذلك والله أعلم ما لم يدخل بها الزوج، كمن استحق سلعة وهي قائمة بيد المشتري، هو مخير إن شاء أن يأخذ سلعته وإن شاء أن يأخذ ثمنها، وهو في القياس بعيد؛ لأن السلعة له أن يبيعها فكان له أن يجيز بيعها ويأخذ الثمن، والزوجة ليس له أن يزوجها فلا يجوز له أن يجيزها ويأخذ الصداق. وقد ذكر مالك في موطئه أنه أدرك الناس ينكرون الذي روي عن عمر بن الخطاب في ذلك، ولم يختلفوا أنه إن أتى وقد دخل بها الزوج فلا سبيل له إليها، وأنه إن انكشف أنه مات بعد دخول الزوج بها أنها لا ميراث لها منه ولا يفرق بينها وبين الزوج الذي دخل بها، وبالله التوفيق.
وإذا ردت إليه زوجته وإن كان ذلك بعد أن تزوجت على القول الذي يرى فيه أنها لا تفوته إلا بالدخول فهي ترجع إليه على العصمة الأولى وتكون عنده على جميع الطلاق أو على ما بقي منه إن كان طلقها قبل أن يفقد؛ لأن ذلك الحكم كله ينتقض بما انكشف من أمره وعلم من حياته. وأما إذا لم ترد إليه لفواتها وإمضاء الحكم الظاهر إما بالانقضاء وإما بالتزويج وإما بالدخول على الاختلاف المذكور في ذلك، فيحسب عليه ذلك الفراق طلقة الذي ألزم إياه بالحكم. فإن تزوجها بعد ذلك كانت عنده على طلقتين. واختلف متى تقع الطلقة عليه، فقيل: إنها تقع عليه بالدخول أو بالعقد على الاختلاف في ذلك، وقيل: بل إنها إنما تقع عليه يوم أبيحت للأزواج، ويكشف ذلك العقد أو الدخول. وفائدة هذا الاختلاف أنه إذا كان الزوج قد طلقها قبل أن يعقد طلقتين ثم فقد فأجل واعتدت ثم تزوجت، وقدم زوجها الأول بعد أن دخل بها هل يحلها هذا الزوج لزوجها القادم؟ فمن قال: إن الطلقة الثالثة وقعت عليه بدخول الزوج الثاني بها، لم ير أن يحلها للأول إلا زوج ثان،