لهم من الصحابة إلا رواية أخرى جاءت عن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنها لا تتزوج حتى يعلم موته أو يأتي عليه من الزمان ما لا يحيا إلى مثله، تعلق بها أهل المشرق والشافعي في أحد قوليه. والصحيح عن علي بن أبي طالب مثل ما روي عن عمر بن الخطاب ومن ذكرنا معه، وهو الصواب الذي ذهب إليه مالك، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا ضرر ولا ضرار»، ولقوله: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ»، فهذا هو الأصل في الحكم بقطع العصمة بين المرأة وزوجها إذا فقد، وإباحة النكاح لها مع جواز حياته من طريق الأثر. وأما من طريق النظر فإذا وجب أن يفرق بين الرجل وامرأته من أجل العنة والإيلاء، وهي لم تفقد إلا الوطء فهو في المفقود أوجب لفقدها للوطء والعشرة والتفقد، وبالله سبحانه وتعالى التوفيق.

فصل

فإذا ضرب الإمام لامرأة المفقود الأجل بعد البحث عن خبره وانقضى فاعتدت فقد بانت منه في الحكم الظاهر، وكان لها أن تتزوج إن شاءت ما لم ينكشف خطأ ذلك الحكم بمجيئه أو علم حماته، وليس لها أن تبقى على عصمة الزوج؛ لأنها أبيحت للأزواج ووجب الفراق بينها وبين زوجها بالحكم فهو ماض لا ينتقض إلا بانكشاف خطئه.

ألا ترى أنها لو ماتت بعد العدة لم يوقف له ميراثه منها وإن كان لو أتى في هذه الحال كان أحق بها. فلو بلغ هو من الأجل ما لا يحيا إلى مثله من السنين وهي حية لم ترث منه، وإنما يكون لها الرضا بالمقام على العصمة ما لم ينقص الأجل المضروب، وأما إذا انقضى واعتدت فليس ذلك لها. وكذلك إن مضت بعد العدة. فإن رضيت بالمقام على العصمة قبل تمام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015