وأحمائها، وقيل: إنما هي أن تأتي بفاحشة من زنى وتخرج لإقامة الحد عليها ولا إحداد عليها فيها.

فصل

وأما العدة من الطلاق البائن فأمدها أمد العدة من الطلاق الرجعي. وقد اختلف في وجوب النفقة والسكنى لها فيها على ثلاثة أقوال: أحدها: أن لها السكنى ولا نفقة لها، وهو قول مالك وجميع أصحابه. والثاني: أن لها النفقة والسكنى، والثالث: أنها لا نفقة لها ولا سكنى. والصحيح ما ذهب إليه مالك وأصحابه من أن لها السكنى ولا نفقة لها. ودليلهم [من كتاب الله عز وجل] على سقوط النفقة لها قول الله عز وجل: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6]، لأن في ذلك دليلا على أن غير الحامل لا نفقة لها. وهو نص «قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث فاطمة بنت قيس: " ليس لك عليه نفقة "؛ إذ طلقها ثلاثا فأرسل إليها شعيرا فسخطته فشكت ذلك إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -». ودليلهم على وجوب السكنى لها قول الله عز وجل: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6]، لأن المراد بذلك في اللائي قد بن من أزواجهن بدليل قول الله عز وجل: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] لأن غير البائن لها النفقة حاملا كانت أو غير حامل؛ إذ لم تخرج بعد من العصمة باتفاق.

فإن قيل: كيف يصح أن يكون المراد بذلك اللواتي قد بن عن أزواجهن وهن لم يتقدم لهن في السورة ذكر وإنما تقدم ذكر اللواتي لم يبن عن أزواجهن بدليل قوله: {لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1].

قيل عن ذلك جوابان: أحدهما: أنه وإن لم يتقدم لهن في السورة ذكر فقد تقدم لهن ذكر في سورة البقرة، وهو قوله عز وجل: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230]،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015