أظهركم». وكان علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يعاتبان الذي يطلق امرأته ثلاثا في كلمة واحدة، وهو قول مالك.
وكذلك طلاق المباراة الذي يجري عندنا ويطلق الناس به نساءهم طلاق بدعة، ولا ينبغي لأحد أن يفعله، وإنما يجوز منه ما كان على وجه الخلع بشيء تعطيه من مالها أو تتركه له من حقها أو تلتزمه من مؤنة حمل أو رضاع أو ما أشبه ذلك مما تجوز المخالعة به في الموضع الذي أجازه الله تبارك وتعالى فيه، وهو إذا كان النشوز من قبل المرأة ولم يكن منه في ذلك ضرر إليها. قال الله عز وجل: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229]، وقال: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] فلا يجوز للرجل إن نشزت عليه امرأته أو أحدثت حدثا من الزنا أو غيره أن يضارها حتى تفتدي منه، ولا تعلق له في جواز ذلك بقول الله عز وجل: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19]؛ لأن الاستثناء فيها منفصل غير متصل. ومعنى الآية: ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن لكن إن أتين بفاحشة حل لكم أن تقبلوا منهن في الفداء ما طابت به أنفسهن. والفاحشة البينة هاهنا أن تشتم عرضه أو تبذأ عليه بلسانها أو تخالف أمره؛ لأن كل فاحشة نعتت في القرآن ببينة فهي من باب النطق، وكل فاحشة أتت فيه مطلقة لم تنعت ببينة فالمراد بها الزنا. ومن أهل العلم من رأى الاستثناء متصلا فأباح للرجل إذا نشزت عليه امرأته أن يضيق عليها حتى تفتدي منه. ومنهم من حمل الفاحشة البينة هاهنا على الزنا وجعل الاستثناء متصلا، فأباح للرجل إذا اطلع على زوجته بزنا أن يمسكها ويضيق عليها حتى تفتدي منه لقول الله عز وجل: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19].