وهي حائض فأخبر عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بذلك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: "مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلق قبل أن يمس". فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء» والله سبحانه وتعالى أعلم.
فطلاق السنة الذي أمر الله به وعلمه عباده هو أن يطلق الرجل امرأته طاهرا من غير جماع طلقة واحدة ثم لا يتبعها طلاقا، فيكون أحق برجعتها شاءت أو أبت ما لم تنقض عدتها، لقول الله عز وجل: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] وبلوغ الأجل في هذه الآية المقاربة لا البلوغ حقيقة، بخلاف الآية التي في سورة البقرة قَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 234] البلوغ في هذه الآية على وجهه، وأما في الآية التي قدمنا ذكرها فالمراد بذكر البلوغ فيها المقاربة، بدليل إجماعهم على أنها تبين من زوجها بانقضاء عدتها ولا يكون له إليها سبيل. وذلك كثير موجود في القرآن ولسان العرب أن يسمى الشيء باسم ما قرب منه، قال الله عز وجل: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98] معناه: إذا أردت قراءة القرآن. وقال: {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: 12] وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل». وفي الحديث «صلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت من الليل» فسمي المطر بالسماء لما كان نزوله منها. ومنه قوله عز وجل: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] فكني بالمجيء