المؤمنين أنها قالت: جاء عمي من الرضاعة يستأذن علي فأبيت أن آذن له حتى أسأل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: فجاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسألته عن ذلك فقال: إنه عمك فأذني له. قالت: فقلت يا رسول الله: إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل، فقال: إنه عمك فليلج عليك، قالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وذلك بعدما ضرب علينا الحجاب». قالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة.
ولولا هذا الحديث «وقول عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فيه: يا رسول الله إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل» إذ ظنت أن اللبن إنما يحرم من قبل المرأة لا من قبل الرجل، وجواب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لها بما فهمت عنه أن اللبن للفحل وأن التحريم يقع من قبله كما يقع من قبل المرأة، لاحتمل أن يقول من لا يرى أن لبن الفحل يحرم: إن التحريم لم يقع في عم عائشة أفلح من قبل الفحل؛ لأنه ممكن أنه يكون أفلح أخو أبي القعيس قد أرضعته وأبا بكر الصديق امرأة واحدة في حولي رضاعهما، فصار أفلح بذلك أخا أبيها وعمها من الرضاعة من قبل المرضعة لا من قبل الفحل، فأزال هذا الاحتمال قوله في الحديث: «إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل» وعلم أن المرأة التي أرضعتهما زوجة أبي القعيس، وصار أفلح أخو أبي القعيس من النسب عما لها من الرضاعة من قبل الفحل على ما ذكر في الحديث، والله أعلم.
فصل
في بيان سريان حرمة الرضاع
فتسري حرمة الرضاع من قبل المرأة المرضعة إلى أمها وأبيها وإن علوا، وإلى ولدها وولد ولدها الذكران والإناث ما سفلوا، وإلى أعيان إخوتها وأخواتها وأعمامها وعماتها وأخوالها وخالاتها دون شيء من أولادهم. وإنما لم يسر التحريم