فاختلف في ذلك على ثلاثة أقوال: أحدها: أن الحكم في ذلك حكم نكاح التفويض إن فرض الزوج لها صداق مثلها لزمها النكاح ولم يكن للمحكم من كان في ذلك كلام، وإن رضي المحكم بصداق المثل أو أقل لم يلزم ذلك الزوج إلا أن يشاء. وهذا يأتي على ما حكى ابن حبيب في الواضحة عن ابن القاسم وابن عبد الحكم وأصبغ. والثاني: أن النكاح لا يلزم إلا بتراضي الزوج والمحكم، كانت الزوجة أو غيرها، على الفريضة إن فرض الزوج صداق المثل فأكثر فلم ترض بذلك الزوجة إن كانت هي المحكمة أو المحكم إن كان غيرها لم يلزمها النكاح بذلك إلا أن تشاء. وإن فرضت هي إن كانت المحكمة أو المحكم إن كان غيرها صداق المثل فأقل برضاها لم يلزم ذلك الزوج إلا أن يشاء، وهو الذي يأتي على ما في المدونة. والثالث: أن الحكم في التحكيم عكس الحكم في التفويض ينزل المحكم في التحكيم منزلة الزوج في التفويض إن فرضت الزوجة صداق المثل فأقل إن كانت هي المحكمة أو فرض ذلك المحكم برضاها لزم ذلك الزوج ولم يكن له في ذلك كلام، فإن فرض الزوج صداق المثل فأكثر لم يلزم ذلك الزوجة إلا أن ترضى به، كانت هي المحكمة أو غيرها. وهذا القول ذهب إليه أبو الحسن القابسي، قاله تأويلا على ما في المدونة، وهو تأويل بعيد. وإنما ظاهر المدونة ما ذكرنا، وإليه ذهب أبو محمد بن أبي زيد - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وبالله سبحانه وتعالى التوفيق.

فصل

وكذلك الإشهاد إنما يجب عند الدخول وليس من شروط صحة العقد، فإن تزوج ولم يشهد فنكاحه صحيح، ويشهدان فيما يستقبلان إلا أن يكونا قصدا إلى الاستسرار بالعقد فلا يصح أن يثبتا عليه، «لنهي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن نكاح السر» ويؤمر أن يطلقها طلقة، ثم يستأنف العقد معها. فإن دخل في الوجهين جميعا فرق بينهما وإن طال الزمان بطلقة لإقرارهما بالنكاح، وحدا إن أقرا بالوطء إلا أن يكون الدخول فاشيا أو يكون على العقد شاهد واحد فيدرأ الحد بالشبهة. واختلف إذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015