جائز أن يقول قائل إن تحريم الجمع بينهما إنما هو بالسنة لا بالقرآن، فالله يقول في كتابه بعد أن ذكر المحرمات: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: 24].
ويدخل في قوله: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] آباء الآباء ومن فوقهم من الأجداد من النسب ومن الرضاع.
فإذا تزوج الرجل امرأة وابنتها في عقدة واحدة، فإن عثر على ذلك قبل أن يدخل بواحدة منهما فرق بينه وبينهما بغير طلاق ولم يكن لواحدة منهما شيء من الصداق وكان له أن يتزوج من شاء منهما. وقيل: إنه لا يتزوج الأم للشبهة التي في البنت، وإن مات الزوج لم يكن لواحدة منهما ميراث ولا لزمتها عدة. وأما إن لم يعثر على ذلك حتى دخل بهما فيفرق بينهم أيضا بغير طلاق، ويجب لكل واحدة منهما ما سمى من الصداق، وتستبرئ نفسها بثلاث حيض ولا تحل له واحدة منهما أبدا. وإن مات أيضا لم يكن لواحدة منهما ميراث. وأما إن عثر على ذلك بعد أن دخل بواحدة منهما معروفة فيفرق بينه وبينها ويكون للتي دخل بها صداقها المسمى، ويجب عليها الاستبراء بثلاث حيض، وتحرم على الزوج التي لم يدخل بها منهما أبدا، وتحل له التي دخل بها منهما إن كانت الابنة بلا خلاف، وإن كانت الأم على الاختلاف. وإن مات لم يكن أيضا لواحدة منهما ميراث. وأما إن عثر على ذلك بعد أن دخل بواحدة منهما غير معروفة فادعت كل واحدة منهما أنها هي التي دخل بها، فالقول قول الزوج مع يمينه في تعيين التي يقر أنه دخل بها ويغرم لها صداقها، ويجب على كل واحدة منهما الاستبراء بثلاث حيض. وإن مات أخذ من ماله الأقل من الصداقين فكان بين الزوجتين بعد إيمانهما. وكذلك الحكم في الذي يتزوج الأختين في عقد واحد، إلا أنه يتزوج من شاء منهما بعد الاستبراء بثلاث حيض إن كان قد دخل بهما وبالله التوفيق.
فصل
وأما إن تزوج الأم والابنة واحدة بعد واحدة فلا يخلو ذلك من ستة أوجه: