واحد منهم إذا أكل منه. وروي ذلك عن الحسن وعطاء وسعيد بن جبير وعكرمة، وهو بعيد؛ لأن تعليم الجوارح من الطير إجابتها إذا دعيت لا أن تزدجر إذا زجرت، إذ لا يتأتى ذلك منها ولا يمكن، فكيف أن يترك الأكل إذا صادت.
وقوله عز وجل: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة: 4]، فيه تقديم وتأخير، وتقديره فاذكروا اسم الله عليه وكلوا مما أمسكن عليكم، فالتسمية تجب عند الإرسال على الصيد كما تجب على الذبيحة. فإن ترك التسمية عند الإرسال عمدا لم يؤكل الصيد، وإن نسي أو جهل أكل الصيد بمنزلة الذبيحة سواء.
فصل
وقال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة: 94]، وهذه الآية نزلت في المحرمين، فمعنى ليبلونكم ليختبرنكم فيعلم المطيع بترك الصيد في الإحرام من العاصي بالصيد فيه، أي ليعلم حصول الطاعة ووقوعها من عباده بعد تقدم علمه تعالى بما يكون منهم قبل أن يخلقهم. وقيل: معناه ليعلم ذلك عندكم، يقول: لتعلموا أن الله قد علم ذلك منكم فتجنبوه. وقوله: {مِنَ الصَّيْدِ} [المائدة: 94]، من هاهنا للتبعيض، يريد صيد البر؛ لأن الله تبارك وتعالى أباح للمحرمين صيد البحر. قال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96].
فصل
والذي تناله الأيدي من الصيد هو البيض والفراخ وصغار الصيد وما لا يفر ولا