بالطلاق صرف الاستثناء إلى الفعل، على قولين، الأصح منهما في النظر أنه يصح فيه إذا صرف الاستثناء إلى الفعل لا إلى نفس الطلاق؛ لأنه إذا صرف الاستثناء إلى الفعل فقد بر ولم يكن طلاق؛ لأنه علق الطلاق بصفة لا يصح وجودها وهي أن يفعل الفعل والله لا يشاء أن يفعله، وذلك مستحيل إلا على مذهب القدرية مجوس هذه الأمة. فعلى قول ابن القاسم في قوله: إن الاستثناء لا ينفعه وإن صرفه إلى الفعل درك عظيم. وإن لم تكن له نية في صرفه إلى الفعل ولا إلى نفس الطلاق فلا أعرف في ذلك نص رواية. والذي يوجبه النظر عندي أن يكون مصروفا إلى الفعل إذا قصد به حل اليمين ولم يقل ذلك لهجا به دون القصد إلى الاستثناء؛ لأن صرفه إلى نفس الطلاق لغو لا معنى له، كما لو حلف بالله واستثنى فرد الاستثناء إلى اسم الله تعالى المحلوف به. وصرف الاستثناء إلى الفعل المحلوف عليه له معنى صحيح بين على ما ذكرناه. وحمل الكلام إذا عري عن النية على ما له وجه ومعنى أولى من حمله على ما لا وجه له ولا معنى.

وقولنا: إن الاستثناء بمشيئة الله لا يصح في مجرد الطلاق إنما معناه أنه لا يسقط عنه الطلاق؛ لأنه إذا قال امرأتي طالق إن شاء الله فقد علمنا أن الله قد شاء ذلك، إذ لا يستطيع أن يطلق امرأته بقوله امرأتي طالق إلا بمشيئة الله، فوجب أن يلزمه الطلاق، كما لو قال امرأتي طالق إن علم الله طلاقي؛ لأنه إذا طلق امرأته بقوله امرأتي طالق فقد شاء الله طلاقها وعلم ذلك. وقول من قال: إن الطلاق إنما لزمه من أجل أن مشيئة الله لا تعلم قول منكر؛ لأن مشيئة الله تعلم بوقوع الفعل، إذ لا يصح أن يقع من مخلوق فعل مع عدم مشيئة الله تعالى والله سبحانه وتعالى أعلم، وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى أقوم طريق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015