صاحبه واستويا في الاحتمال دون مزية جرى ذلك على الاختلاف [المتعارف] في المجتهد تتعارض عنده الأدلة ولا يترجح أحدها على صاحبه. فقيل: إنه يأخذ بما شاء من ذلك، وقيل: إنه يأخذ بالأثقل، وقيل: إنه يأخذ بالأخف. فكذلك هذا يأخذ بالبر على قول. ووجه ذلك في الطلاق تيقن العصمة وفى اليمين بالله براءة الذمة. ويأخذ بالحنث على قول. ووجه ذلك الاحتياط وأن لا يستباح الفرج إلا بيقين. ويأخذ بما شاء من ذلك في قول. ووجهه أن المجتهد لما كان مأمورا بالحكم ممنوعا من التقليد على الصحيح من الأقوال كان استواء الأدلة عنده دليلا على التخيير، كما يخير المكفر في الكفارة بين العتق والإطعام والكسوة، وكما يخير واطئ الأختين في تحريم أيتهما شاء وما أشبه ذلك.
والثاني: أنه لا يراعى في اليمين البساط ولا مقصد الناس في أيمانهم وتحمل اليمين على ظاهر اللفظ إن لم تكن للحالف نية. من ذلك ما وقع في سماع سحنون من قول ابن القاسم وروايته عن مالك؛ لأن البساط مقدم على العرف، فإذا لم يراع البساط فأحرى أن لا يعتبر العرف. وهذا الاختلاف جار عندي على اختلافهم في اللفظ العام الوارد على سبب، هل يحمل على عمومه أو يقصر على سببه.
والثالث: أنه يعتبر البساط في اليمين ولا يعتبر فيها العرف. وهذا القول قائم من المدونة؛ لأنه لم يعتبر في بعض مسائلها العرف. من ذلك مسألة من حلف أن لا يأكل بيضا فأكل بيض الحوت، أو حلف أن لا يأكل رؤوسا فأكل رؤوس السمك. واعتبره في بعضها. من ذلك مسألة من حلف أن لا يدخل بيتا فدخل المسجد.
وهذا فيما كان العرف والمقصد فيه مظنونا. وأما ما كان العرف والمقصد فيه متيقنا معلوما فلا اختلاف في الاعتبار به. وذلك مثل أن يقول الرجل والله لأقودن فلانا كما يقاد البعير ولأعرضن على فلان النجوم في القائلة، فهذا يعلم أن المقصد، خلاف اللفظ، فيحمل على ما علم من مقصده به بلا خلاف. والدليل على