درعها، ثم سعت سعي الإنسان المجهود] حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت فلم تر أحدا ففعلت ذلك سبع مرات».
وذكر الله تعالى الوقوف بعرفة والمزدلفة فقال: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} [البقرة: 198] يقول الله تعالى فإذا أفضتم من عرفات منصرفين [إلى منى فاذكروا الله عند المشعر الحرام، واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين. وقوله]، بعد ذلك: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199] قيل: المعنى في ذلك ثم آمركم بالإفاضة من عرفات من حيث أفاض الناس فهو خبر. وثم في الخبر يجوز أن يكون الثاني فيها قبل الأول، كما أن الإفاضة قبل المجيء إلى المشعر الحرام، وله نظائر كثيرة من القرآن. ويجوز أن تكون ثم هاهنا بمعنى الواو، وعنى بالناس في هذه الآية إبراهيم خليل الرحمن - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ -، وهذا جائز في الكلام أن يقال للذي يقتدى به ويكون لسان قومه قال الناس وهم يعنونه. ومنه قوله عز وجل: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عمران: 173] وإنما قاله لهم نعيم بن مسعود الأشجعي، وكان بعث به أبو سفيان ليخوف المسلمين بجمعهم. وقيل: إن الذي عني بهذه الآية قريش ومن ولدته قريش الذين كانوا يسمون في الجاهلية الخمس، أمروا في الإسلام أن يفيضوا من عرفات، وهي البقعة التي أفاض منها سائر الناس. فالمعنى بالناس على هذا التأويل من سوى قريش ممن وقف بعرفة. والمعنى به على التأويل الأول، وهو أظهر، خليل الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 200] أي إذا فرغتم من حجكم وذبحتم