ومن أحبه الله أمنه من عذابه، وأكرمه بجواره في الجنة التي أعدها الله لأوليائه. وقال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [التوبة: 20] {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ} [التوبة: 21] {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [التوبة: 22]، وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم الدائم الذي لا يفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع»، وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله وابتغاء مرضاته أن يدخله الجنة أو يرده إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة». يريد أجرا وغنيمة، لأن أو ها هنا بمعنى الواو، إذ لا تنفي الغنيمة الأجر. وقد تكون أو على بابها فيكون معنى الكلام مع ما نال من أجر دون غنيمة أو غنيمة مع أجر. وروي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «والذي نفسي بيده لوددت أن أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحيا فأقتل ثم أحيا فأقتل ثم أحيا فأقتل فكان أبو هريرة يقول ثلاثا أشهد لله.» ويروى أنه «ما من أحد يصير إلى خير فيود الرجوع إلى الدنيا إلا الشهيد في سبيل الله فإنه يود أن يرجع إلى الدنيا فيقاتل في سبيل الله فيقتل مرة أخرى وذلك لما يرى من كرامة الله تعالى». وفضائل الجهاد أكثر من أن تحصى كثرة.

فصل

وأول ما بعث الله نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالدعاء إلى الإسلام من غير قتال أمره به ولا أذن له فيه ولا جزية أحلها له، فأقام رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ذلك عشر سنين وهي التي أقامها بمكة، وحينئذ أنزل الله عز وجل: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر: 94]،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015