منها أن الطعام إن ضاع جميعه في الأندر في عمله فلا ضمان عليه إذ لم يفرط. واختلف قول مالك إذا أدخله في منزله ثم تلف ولم يفرط، إما بأنه تلف بقرب إدخاله منزله ولم يمكنه دفعه للمساكين قبل أن يدخله منزله، أو بأنه ليس إليه تفريقه فانتظر مجيء الساعي، وإن طال انتظاره، فمرة فرق بينه وبين الدنانير ورآه ضامنا، ومرة لم يوجب عليه الضمان بمنزلة الدنانير. وكذلك إذا عزل العشر ليفرقه إن كان إليه تفريقه أو لينتظر به الساعي إن لم يكن إليه تفريقه فضاع بعد أن أدخله منزله ولم يفرط، إما بأنه تلف بقرب إدخاله منزله إن كان إليه تفريقه، وإما بأنه لم يكن إليه دفعه فانتظر مجيء الساعي فضاع بالقرب أو بالبعد، اختلف قول مالك في ذلك أيضا كاختلافه في المسألة الأولى، فمرة حمله محمل العين، ومرة رآه بخلاف ذلك. وقال ابن القاسم إن كان أشهد ولم يكن إليه تفريقه فلا ضمان عليه وإن تأخر عنه الساعي. وسواء على مذهب ابن القاسم ضاع العشر الذي عزله وأدخله منزله أو ضاع جميع الطعام وقد أدخله منزله ولم يعزل منه شيئا لا ضمان عليه في الوجهين جميعا ما أقام منتظرا الساعي إذا أشهد. وقول ابن القاسم خلاف قول مالك جميعا في هذا الطرف. وانظر على مذهب ابن القاسم إذا كان ممن لا يسعى عليه الساعي وكانت تفرقة زكاته إليه إن أدخل جميع الطعام أو عشره معزولا منزله فضاع بالقرب من غير تفريط هل هو عنده بمنزلة العين ويسقط عند الضمان أو هو عنده بخلاف العين ويكون ضامنا إلا أن يشهد. والأظهر عندي من مذهبه أنه لا ضمان عليه دان لم يشهد. وقول المخزومي في الباب مثل أحد قولي مالك إنه لا ضمان عليه وإن لم يشهد لأنه غير مفرط في انتظار الساعي وليس عليه أكثر مما صنع. وكذلك على مذهبه إن كان ممن إليه تفرقة زكاته فضاع بعد أن أدخله منزله بالقرب من غير تفريط. وأما إذا ضيع أو فرط حتى تلف فهو ضامن باتفاق، سواء أدخله منزله أو لم يدخله، ضاع جميعه أو عشره، معزولا كان أو لا، كان إليه تفريقه أو كان ممن يسعى عليه الساعي. وأشهب يفرق إذا عزل عشره فضاع من غير تفريط بين أن يكون إليه تفرقة زكاته أو إلى الساعي، فرأى أنه إذا كان إليه تفريق زكاته فلا ضمان عليه بمنزلة المال العين، وإذا كان إلى الساعي فهو بينهما جميعا وله أخذ