والدليل على صحة اشتراط الحول فيما عدا ما يخرج من الأرض قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس في المال المستفاد زكاة حتى يحول عليه الحول» لأنه لفظ عام يخصص منه ما يخرج من الأرض بقوله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141]، ويخصص منه أيضا نماء الماشية باتفاق لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كل ذات رحم فولدها بمنزلتها»، وأرباح الأموال بالقياس على ذلك على اختلاف، ويبقى الحديث عاما فيما سوى ذلك. والدليل على صحة اشتراط عدم الدين في وجوب الزكاة في العين إجماع الصحابة على ذلك بدليل ما روي أن عثمان بن عفان كان يصيح في الناس: هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤده حتى تحصل أموالكم فتؤدون منها الزكاة، والصحابة متوافرون مسلمون بذلك، فدل ذلك على إجماعهم على القول بذلك. وبالله التوفيق.
والديون التي تسقط زكاة العين تنقسم عند ابن القاسم على ثلاثة أقسام:
قسم منها يسقط الزكاة وهو دين الزكاة، كانت له عروض تفي به أو لم تكن، مرت به سنة من يوم استدانه مثل أن يكون له عشرون دينارا فيحول عليها الحول فلا يخرج زكاتها ويمسكها حتى يحول عليها حول آخر فإنه لا يجب عليه فيها زكاة من أجل الدين الذي عليه من زكاة العام الأول، أو لم تمر به سنة من يوم استدانه مثل أن يفيد عشرين دينارا فتقيم عنده عشرة أشهر ثم يفيد عشرين أخرى فيحل حول العشرين الأولى فلا يزكيها وينفقها أو تتلف ثم يحول الحول على العشرين الأخرى فإنه لا يجب عليه فيها زكاة من أجل الدين الذي عليه من زكاة الفائدة الأولى. وقسم منها يسقط الزكاة مرت به سنة من يوم استدانه أو لم تمر، إلا أن تكون له عروض تفي بالدين يجعل الدين فيها هو ما استدانه في غير ما بيده من مال الزكاة.