المال، فإذا أخذها من إليه أخذها أجزأت عنه كما تجزئ الصبي والمجنون إذا أخذت من أموالهما وإن لم تصح النية منهما في تلك الحال.
وإنما ورد في القرآن الأمر بالزكاة بألفاظ مجملة وعامة. فالمجمل منه ما لا يفهم المراد منه من لفظه ويفتقر في البيان إلى غيره مثل قَوْله تَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141]، فلا يفهم من هذا اللفظ جنس الحق ولا مقداره، ولا يمكن امتثال الأمر به إلا بعد بيان. ومثل هذا اللفظ إذا ورد وجب اعتقاد وجوب المراد به إلى أن يرد البيان. والعام ما ظاهره استغراق الجنس فيجب امتثال الأمر به بحمله على عمومه حتى يأتي ما يخصصه، مثل قَوْله تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103]، وما أشبه ذلك. فالظاهر في قَوْله تَعَالَى: {مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34]، أن الزكاة تؤخذ من جميع أصناف الأموال ومن القليل والكثير منها، إذ لم يخص شيئا من ذلك دون شيء، وقَوْله تَعَالَى: {صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103]، من المجمل الذي يفتقر إلى بيان، إذ لا يفهم من نفس هذا اللفظ قدر الصدقة التي يقع بها التطهير والتزكية بها فالآية مشتملة على نص لا يحتمل التأويل، وعلى عموم يحتمل التأويل، وعلى مجمل يفتقر إلى البيان والتفسير، لأنها نص في الأخذ وفي أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مأمور به، وعموم في الأموال، ومجمل في المقدار.
فصل
واختلف في قول الله عز وجل: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]، وقَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} [المؤمنون: 4]، وما أشبه هذه الألفاظ هل هي مجملة تفتقر إلى بيان أو عامة يجب حملها على عمومها حتى يرد ما يخصصها. والأصح أنها مجملة مفتقرة إلى البيان.